MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية



حكم المحكمة الإدارية بالرباط القاضي بإلغاء قرار وزير الداخلية بإعادة الانتخابات بمجموع دوائر جماعة السويهلة‎

     

المملكة المغربية
المحكمة الإدارية بالرباط
الضبط بالمحكمة الإدارية بالرباط

أصل الحكم المحفوظ بكتابة

قسم القضاء الشامل
حكم رقم : 3185
بتاريخ : 23/08/2016
ملف رقم : 790/7110/2016



حكم المحكمة الإدارية بالرباط القاضي بإلغاء قرار وزير الداخلية بإعادة الانتخابات بمجموع دوائر جماعة السويهلة‎

 باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
 
 
بتاريخ  16 غشت 2016

أصدرت المحكمة الإدارية بالرباط وهي متكونة من السادة:
شوقي لعزيزي.....................................رئيسا ومقررا
فتح الله الحمداني........................................... عضوا
هاجر السعيدي..............................................عضوا
بحضور محمد كولي.............................. مفوضا ملكيا
وبمساعدة سعيد الرامي........................... كاتبا الضبط
                         
الحكم الآتي نصه :
 
بين الطاعن :  …...
عنوانه : ……...
نائبه : ………..
 
                                               .................................................... من جهة
 
 
وبين المطلوبين في الطعن : 
ـ الدولة في شخص رئيس الحكومة بمكاتبه بالرباط.
ـ وزير الداخلية بمكاتبه بالرباط.
ـ الوكيل القضائي للمملكة بمكاتبه بالرباط.
ـ الوكيل القضائي للجماعات الترابية بمكاتبه بوزارة الداخلية بالرباط.
 
                                 ................................................... من جهة أخرى
 
 
 
الــوقــائـــع 
 
بناء على عريضة الطعن المسجلة بهذه المحكمة بتاريخ 15/08/2016، أورد فيها الطاعن بواسطة نائبه أنه مستشار جماعي فائز بعضوية ورئاسة جماعة ……. في انتخابات 2015، وأن مجموعة من المستشارين وفي إطار التواطؤ والاحتيال ولتحقيق أهداف شخصية قاموا بتقديم استقالات جماعية في غضون شهر ماي 2016 من مجلس الجماعة المذكورة، وأنه إثر ذلك أصدر والي جهة مراكش آسفي عامل عمالة مراكش، قرارا بتجريد جميع أعضاء المجلس التسعة والعشرون الحاليين لمجلس جماعة ا……. من صفة العضوية بالمجلس، فتقدم الطاعن بتظلم بشأنه، باعتبار أنه لم يقع أي سبب قانوني يبرر التجريد من العضوية أو الإعفاء منها أو العزل أو غيره، وأنه إثر ذلك راسل وزير الداخلية والي جهة مراكش آسفي عامل عمالة مراكش، مخبرا إياه بأنه طبقا للمادة 153 من القانون التنظيمي رقم 11.59 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية، التي تنص على أنه في حالة فقدان مجلس جماعة ينتخب أعضاؤه عن طريق الاقتراع الفردي، الثلث على الأقل من عدد أعضائه، فإنه يتعين إجراء انتخابات تكميلية في ظرف الثلاثة أشهر الموالية لتاريخ آخر شغور وذلك قصد ملء المناصب الشاغرة فقط، وبالتالي لا يجرد الأعضاء غير المستقيلين من عضويتهم بالمجلس ، وأنه توصل بعد ذلك بمراسلة من والي الجهة عامل عمالة مراكش بتاريخ 27/06/2016، أخبره من خلالها أن الأعضاء غير المستقيلين لا يجردون من عضويتهم بمجلس الجماعة طبقا للمراسلة الصادرة عن وزير الداخلية سالفة الذكر، إلا أنه بتاريخ 28/07/2016 صدر قرار لوزير الداخلية تحت عدد 2283.16 قضى بتحديد تاريخ إجراء انتخابات جزئية لانتخاب أعضاء جدد بمجلس جماعة …. التابعة لعمالة مراكش، ونصت مادته الأولى على أنه "يدعى يوم الخميس 8 سبتمبر 2016 ناخبو مجموع الدوائر الانتخابية بجماعة …. التابعة لعمالة مراكش لانتخاب مجلس جماعي جديد"، و أو ضح الطاعن أن ما تضمنته المادة الأولى من القرار المطعون فيه تتنافى ومقتضيات المادة 9 من القانون التنظيمي رقم 14.113 المتعلق بالجماعات و المادة 153 من القانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخاب أعضاء المجالس الترابية، مما يجعله مشوبا بتجاوز السلطة لاتسامه بعيب مخالفة القانون، لأجل ذلك التمس الحكم بإلغاء القرار الصادر عن وزير الداخلية تحت عدد 2283.16 بتاريخ 23 شوال (28/07/2016) المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6489 ـ 4 ذو القعدة (8 أغسطس 2016) القاضي بتحديد تاريخ إجراء انتخابات جزئية لانتخاب أعضاء جدد بمجلس جماعة ال….. التابعة لعمالة مراكش.

وبناء على المقال الإصلاحي المدلى به من طرف الطاعن بواسطة نائبه بتاريخ 23/08/2016، الرامي إلى الإشهاد بإصلاحه لمقال الدعوى وذلك بجعلها موجهة ضد الوكيل القضائي للجماعات الترابية بدل المساعد القضائي للمملكة الكائن بمكاتبه بوزارة الداخلية.
وبناء على المذكرة الجوابية المدلى بها من طرف الوكيل القضائي للمملكة بجلسة 23/08/2016، الرامية من حيث الشكل إلى الحكم بعدم قبول الطلب لاستنفاذه بدعوى معروضة أمام المحكمة الإدارية بمراكش، باعتبار أن الطاعن تقدم بنفس الطعن أمام المحكمة الإدارية بمراكش بتاريخ 11/08/2016 فتح له الملف رقم 300/7110/2016 طلب بواسطته إلغاء نفس القرار المطعون فيه حاليا، و  من حيث الموضوع التمس فيها الحكم برفض الطلب، لكون الإطار القانوني المؤطر للنازلة و على أساسه صدر القرار المطعون فيه هي المقتضيات الواردة في المادتين 74 و75 من القانون التنظيمي رقم 14.113 المتعلق بالجماعات، باعتبار أن المجلس الجماعي …… انقطع عن مزاولة مهامه على إثر استقالة أكثر من نصف أعضائه المزاولين مهامهم وهي الحالة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 75  من القانون التنظيمي رقم 14.113 المتعلق بالجماعات التي تنص على أنه "وإذا انقطع المجلس عن مزاولة مهامه على إثر استقالة نصف عدد أعضائه المزاولين مهامهم على الأقل، بعد استيفاء جميع الإجراءات المتعلقة بالتعويض طبقا لمقتضيات القانون التنظيمي رقم 59.11، وجب انتخاب أعضاء المجلس الجديد داخل أجل ثلاثة (3) أشهر من تاريخ الانقطاع عن مزاولة مهامه"، وأنه يستشف من المقتضى المذكور أن وجود المجلس في حالة انقطاع عن مزاولة مهامه يستوجب إعادة انتخاب أعضاء المجلس برمته استنادا إلى صيغة العموم والإطلاق الواردة بها مقتضياته علما أن هذا النص هو الواجب التطبيق باعتباره نصا خاصا ينطبق على الحالة ويهم تدبير الجماعات وليس مقتضيات المادة 153 من القانون التنظيمي رقم 11.59، وأنه خلافا لما أثاره الطاعن فإن الرسالة الموجهة من وزير الداخلية لوالي جهة مراكش أسفي عامل عمالة مراكش، وردت في سياق الاستشارة التي طلبها الوالي من وزير الداخلية بخصوص إمكانية القيام بتجريد أعضاء المجلس غير المستقلين من عضويتهم من أجل تسوية وضعية المجلس، والتي أكد له فيها عدم إمكانية القيام بذلك مشيرا للمادة 153 سالفة الذكر، والتي تتضمن مجرد رأي ولا ترقى إلى درجة القرار الإداري حتى يمكن الاستدلال بها للقول بوجود تناقض بينها وبين القرار المطعون فيه لمجرد صدورهما من جهة واحدة، وفضلا عن ذلك فإن ما تضمنته تلك الرسالة من وجوب تطبيق المادة 153 السالفة الذكر، إنما أتى في سياق تطبيق المقتضى بشكل عام ليس إلا وليس اعتماده كأساس للتطبيق بأن يتم القيام بانتخابات تكميلية بخلاف تام لمقتضيات المادتين 74 و75 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات، كما أن استناد الطاعن إلى المادة 153 للقول بإجراء انتخابات تكميلية للأعضاء المستقيلين في حالة فقدان المجلس الجماعي الثلث من أعضائه وليس بانتخاب جميع الأعضاء أي المجلس كله غير مؤسس، باعتبار أن القانون التنظيمي رقم 59.11  المتعلق بانتخاب مجالس الجماعات الترابية يتضمن الإطار العام، وقد سن المشرع قوانين تنظيمية تحدد كل منها انتخاب وتدبير كل نوع من هذه الجماعات وخص الجماعات المحلية سواء منها الحضرية أو القروية بالقانون التنظيمي رقم 14.113 والذي بالرجوع للفقرة السادسة من المادة 153 منه التي تنص على انه "إذا فقد مجلس جماعة ينتخب أعضاؤه عن طريق الاقتراع الفردي لأي سبب آخر غير الأسباب المشار إليها في الفقرة السابقة، الثلث على الأقل من عدد أعضائه، وجب إجراء انتخابات تكميلية في ظرف الثلاثة أشهر الموالية لتاريخ أخر شغور ما عدا إذا صادف ذلك الأشهر الثلاثة السابقة لتاريخ التجديد العام للمجالس الجماعية"، نجدها قد ربطت وجوب القيام بانتخابات تكميلية بحالة فقدان مجلس جماعة نسبة الثلث على الأقل من عدد أعضائه ولم تتضمن وضع حد لامتداد هذه النسبة ومنها حالة فقدان النصف أو أكثر من أعضائه، على باعتبار أن ذلك سيؤدي إلى فقد الأغلبية داخل المجلس، لذلك فإن المادة 75 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات حددت النسبة للقيام بانتخاب المجلس بأكمله وليس القيام بانتخابات تكميلية في حالة انقطاع المجلس عن مزاولة مهامه باستقالة نصف الأعضاء على الأقل، وبالتالي فإن استقالة ثلث الأعضاء على الأقل يكون غير ممكن في حالة استقالة نصف الأعضاء فما فوق وهو ما عالجته المادة 75 السالفة الذكر، علما أن القانون الخاص يكون واجب التطبيق على القانون العام كما أن القانون اللاحق يقدم على القانون السابق، مشيرا إلى أن المادة 153 من القانون التنظيمي المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية، لا يمكن تطبيقها بشأن مسألة التعويض على أساس أننا أمام انتخاب مجلس مقترع بالانتخاب الفردي وليس باللائحة، وأن المادة 75 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات نصت على وجوب القيام بانتخاب مجلس جديد ولم تفرق بين الأعضاء المستقيلين أو الشاغرين أو الذين ما زالوا أعضاء، وأن مقتضيات المادة 9 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات التي تنص على حالات التجريد لا علاقة لها بنازلة الحال على اعتبار أن القرار المطعون فيه لم ينص على تجريد أعضاء المجلس من عضويتهم وإنما نص على إجراء انتخابات المجلس الجديد طبقا لمقتضيات المادة 75 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات، الذي حدد الحالة التي يجب القيام فيها بهذه الانتخابات بعد ثبوت وجود الجماعة في نفس تلك الحالة والتي لا ينازع الطاعن بشأنها، الأمر الذي يجعل هذا الإدعاء عديم الأساس.        

وبناء على الوثائق الأخرى المدرجة بالملف.

وبناء على الإعلام بإدراج القضية بجلستين كانت آخرها الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 23/08/2016.
وبناء على المناداة على الأطراف ومن ينوب عنهم وحضورهم، فقررت المحكمة اعتبار القضية جاهزة، وأعطيت الكلمة للمفوض الملكي الذي التمس رفض الطلب، فتم حجز القضية للمداولة لآخر الجلسة.
 
وبعد المداولة طبقا للقانون

في الشكل:

حيث دفع الوكيل القضائي للمملكة بعدم قبول الطلب لاستنفاذه بدعوى معروضة أمام المحكمة الإدارية بمراكش، باعتبار أن الطاعن تقدم بنفس الطعن أمام هذه الأخيرة بتاريخ 11/08/2016 فتح له ملف رقم 300/7110/2016 والذي طلب بواسطته إلغاء نفس القرار المطعون فيه حاليا.
لكن حيث إنه خلافا لما ارتكز عليه الدفع المثار أعلاه، فإن المشرع لم يجعل إقامة نفس الدعوى أمام محكمتين مختلفتين من موجبات عدم القبول، وأنه لئن كان البت فيهما ينتج عنه احتمال صدور حكمين متناقضين، فإن البين من نص الفصلين 109 و49 من قانون المسطرة المدنية، أن الآلية الإجرائية التي جعلها المشرع بيد الخصوم لتلافي هذا التناقض، هي الدفع بإحالة الملف إلى المحكمة الأخرى المرفوع أمامها الطلب، وهو دفع لا يتعلق بالنظام العام بدليل عدم إمكانية إثارته في جميع مراحل الدعوى واشتراط التمسك به قبل كل دفاع في الجوهر وإلا كان غير مقبول، حسب البين من نص الفصل 49 من نفس القانون وتنصيص الفصل 109 منه صراحة على كون إثارة هذا الدفع ينبغي أن يتم بطلب من الأطراف، ولذلك فإن الجهة المطلوبة في الطعن لما لم تتمسك بهذا الدفع، ولم تؤسس دفعها بعدم القبول على ما يجعله منتجا، تكون المآخذ الشكلية التي أثارتها بهذا الصدد غير ذات أساس، وفضلا عن ذلك ولما كان الدفع بعدم القبول في هذه الحالة لا يتعلق بالنظام بدليل ربط المادة 49 الأخذ به بضرورة إثارته قبل كل دفاع في الجوهر، فإن الوكيل القضائي مثير الدفع لما لم يُدلِ بالملف بما يثبت رفع نفس الدعوى الحالية أمام المحكمة الإدارية بمراكش حسب ما تمسك به، أي بنسخة من مقال الطعن مؤشر عليها من كتابة ضبط المحكمة المذكورة، يكون دفعه غير ذي أساس من الواقع، لعدم ثبوت ما ارتكز عليه من وجود دعوى جارية بنفس الموضوع أمامها، الأمر الذي يجعل الدفع غير مؤسس ويتعين معه التصريح برده.

وحيث إنه فضلا عن ذلك فقد قدم الطلب مستوفيا لباقي الشروط الشكلية المتطلبة قانونا ، لذا فهو مقبول.

في الموضوع: حيث يهدف الطلب إلى الحكم بإلغاء قرار وزير الداخلية عدد 2283.16 بتاريخ 23 شوال (28/07/2016) المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6489 ـ 4 ذو القعدة (8 أغسطس 2016)، القاضي بتحديد تاريخ إجراء انتخابات جزئية لانتخاب أعضاء جدد بمجلس جماعة التابعة لعمالة مراكش.

وحيث أسس الطاعن طلبه على وسيلة فريدة مستمدة من خرق القرار المطعون فيه للقانون مجسدا في المادة 153 من القانون التنظيمي المتعلق بانتخاب أعضاء المجالس الترابية والمادة 9 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات، لكونه قضى بإعادة الانتخابات بمجموع دوائر الجماعة، والحال أن المقاعد الشاغرة نتيجة استقالة بعض أعضاء المجلس لا تتعدى 18 مقعدا من أصل 29 عضوا، ولذلك يبقى من غير المبرر إجراء انتخابات في الدوائر التي لا يزال الأعضاء المنتخبون عنها مزاولين مهامهم.

وحيث إن الثابت من وثائق الملف، أن القرار المطعون فيه نص في مادته الأولى على أنه ""يدعى يوم الخميس 8 سبتمبر 2016 ناخبو مجموع الدوائر الانتخابية بجماعة التابعة لعمالة مراكش لانتخاب مجلس جماعي جديد"، وهو قرار صدر نتيجة تقديم ثمانية عشر (18) عضوا من أعضاء المجلس الجماعي  من أصل تسعة وعشرون عضوا (29) لاستقالتهم، معلنا بذلك وجوب إجراء انتخاب جميع أعضاء المجلس دون تمييزه بين الأعضاء المستقيلين وغير المستقيلين، حسب ما أكده الوكيل القضائي للمملكة بمذكرته الجوابية المدلى بها بتاريخ 23/08/2016، مبررا ذلك بما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 75 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات التي تنص على أنه "وإذا انقطع المجلس عن مزاولة مهامه على إثر استقالة نصف عدد أعضائه المزاولين مهامهم على الأقل، بعد استيفاء جميع الإجراءات المتعلقة بالتعويض طبقا لمقتضيات القانون التنظيمي رقم 59.11، وجب انتخاب أعضاء المجلس الجديد داخل أجل ثلاثة (3) أشهر من تاريخ الانقطاع عن مزاولة مهامه".

وحيث تنص المادة 153 من القانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخابات أعضاء مجالس الجماعات الترابية، على أنه "إذا فقد مجلس جماعة ينتخب أعضاؤه عن طريق الاقتراع الفردي لأي سبب آخر غير الأسباب المشار إليها في الفقرة السابقة (يتعلق الأمر بحالة إلغاء الانتخابات)، الثلث على الأقل من عدد أعضائه، وجب إجراء انتخابات تكميلية في ظرف الثلاثة أشهر الموالية لتاريخ آخر شغور ما عدا إذا صادف ذلك الأشهر الثلاثة السابقة لتاريخ التجديد العام للمجالس الجماعية".

وحيث إن البين من هذه المادة أن ما يوجبه المشرع في حالة فقدان المجلس لثلث أعضائه على الأقل هو إجراء "انتخابات تكميلية"، وهي الصيغة التي يستفاد منها أن الانتخابات ينبغي أن تقتصر على الدوائر التي فقد الأعضاء المنتخبون عنها مقاعدهم من أجل تكملة التركيبة الناقصة للمجلس، بما يترتب عنه استمرار الأعضاء الذين لم يفقدوا مقاعدهم في شغل عضويته، ولما كان البين في النازلة أن عدد الأعضاء الذين قدموا استقالاتهم من مجلس جماعة السويهلة هو 18 عضوا من أصل 29 عضو، بما يتحقق معه تجاوز نسبة ثلث المقاعد المفقودة بالمجلس، فإن شروط إجراء انتخابات تكميلية حسب التحديد الوارد بالمادة المذكورة تكون قد تحققت، ما دام أن مقتضياتها رتبت نفس الجزاء بالنسبة لجميع حالات فقدان العضوية بما في ذلك الاستقالة كما في نازلة الحال، ومن ثم فإن القرار المطعون لما نحى خلاف ذلك وقرر إجراء انتخابات جزئية تشمل جميع دوائر الجماعة المذكورة، بما في ذلك الدوائر التي لا يزال الأعضاء المنتخبون عنها مكتسبين لصفة العضوية في المجلس، يكون قد خرق القانون.

وحيث دفع الوكيل القضائي للمملكة بكون المادة 153 المستدل بها أعلاه لا تنطبق على النازلة، باعتبارها مندرجة ضمن القانون التنظيمي رقم 59.11 وهو نص عام يتعلق بانتخابات أعضاء جميع مجالس الجماعات الترابية، بما في ذلك مجالس الجهات والأقاليم والعمالات، ولذلك لا تطبق مقتضياته بخصوص النازلة، لوجود نص خاص لاحق من حيث الصدور يتضمن أحكاما مختلفة تجعل الانتخابات في حالة استقالة نصف الأعضاء على الأقل شاملة لمجموع الدوائر، وهو القانون التنظيمي رقم 113.14 باعتباره قانون ينحصر سريانه على الجماعات ومقتضياته أولى بالتطبيق، إذ ينص في مادته 75 على أنه "إذا انقطع المجلس عن مزاولة مهامه على إثر استقالة نصف أعضائه المزاولين مهامهم على الأقل، بعد استيفاء جميع الإجراءات المتعلقة بمسطرة التعويض طبقا لمقتضيات القانون التنظيمي رقم 59.11، وجب إجراء انتخاب أعضاء المجلس الجديد داخل أجل ثلاثة أشهر من تاريخ انقطاعه عن مزاولة مهامه"

لكن حيث إنه بالرجوع للمادة 75 المتمسك بها من طرف الوكيل القضائي، يتبين أن مقتضياتها لا تتضمن ما يجعل انقطاع المجلس عن مزاولة مهامه بسبب استقالة نصف أعضاء المجلس الجماعي على الأقل سببا لإعادة انتخاب كامل الأعضاء، ذلك أن المقطع الأخير الذي ورد به "وجب إجراء انتخاب أعضاء المجلس الجديد" وفقا لما تمسك به الوكيل القضائي، لا يمكن اعتباره مدخلا لتفسير المادة المذكورة بكونها تجعل الانتخابات في هذه الحالة شاملة لمجموع الدوائر، ما دام أن منهجية تفسير النصوص القانونية تقتضي تجنب البحث في معنى الأخيرة بطريق تجزيئي، إذ لا يُتوصل إلى المقصود منها إلا بتفسيرها في شموليتها وتكاملها وربط بعضها ببعضها، من منطلق أن أول ما يُلجا إليه في فهم النصوص القانونية هو تفسيرها انطلاقا من نصوص القانون ذاتها، وإعمالا لذلك وبالرجوع للمادة 75 المذكورة يتبين تنصيصها على أن انتخابات أعضاء المجلس الجديد تُجرى، بعد استيفاء مسطرة التعويض، ولما كان البين من المادة 153 من القانون التنظيمي رقم 59.11 أن إعمال هذه المسطرة يقتضي تعويض العضو الذي فقد مقعده بعضو آخر، فإن ذلك يعني أن تقرير إجراء الانتخابات ينبغي أن يأخذ في الاعتبار الأعضاء الذي اكتسبوا العضوية عن طريق تطبيق مسطرة التعويض في هذه الحالة، ولذلك لا يمكن أن تشمل الانتخابات الدوائر التي يمثلونها، إذ من غير المستساغ أن يتقرر إكسابهم العضوية عن طريق المسطرة المذكورة بسبب استقالة الأعضاء وفق النسبة المحددة سلفا، وفي نفس الوقت إجراء انتخابات شاملة لمجموع الدوائر للسبب ذاته، بما يجعل مقاعدهم مصنفة ضمن المقاعد الشاغرة المقرر شغلها عن طريق الانتخابات المذكورة، وهو ما يؤكد أن قصد المشرع اتجه إلى الإبقاء على عضويتهم بالمجلس من غير أن تستهدف الانتخابات المنصوص عليها شغل مقاعدهم من جديد، ومن ثم فإن هذه الصيغة يستشف منها اتجاه قصد المشرع إلى الإبقاء بصورة أَوْلَى على الأعضاء الذين لم يفقدوا مقاعدهم أصلا نتيجة عدم تقديمهم للاستقالة، إذ أن عدم شمول الانتخابات للمقاعد التي تم شغلها عن طريق التعويض، يقتضي بالأولوية عدم شمولها للمقاعد التي لم تعرف حالة الشغور أصلا نتيجة عدم تقديم الاستقالة، وهذا الفهم للفقرة الثانية من المادة 75 أعلاه، يؤكده التمييز الواضح الذي ينتج عن مقارنتها بالفقرة الأولى التي جعلت حل المجلس يستوجب المرور مباشرة لإجراء انتخابات أعضاء المجلس الجديد، دون ربط ذلك باستيفاء مسطرة التعويض، بما يجعل الانتخابات في هذه الحالة شاملة لمجموع الدوائر، بينما جاءت الفقرة الثانية بخصوص حالة انقطاع المجلس عن مزاولة مهامه إثر استقالة نصف أعضائه على الأقل، بصيغة مختلفة عندما ربطت إجراء الانتخابات بسبقية استيفاء مسطرة التعويض، بما يستوجب استمرار من تقررت عضويتهم عن طريق التعويض إلى جانب من لم يفقدوا عضويتهم نتيجة عدم الاستقالة وعدم شمول الانتخابات للدوائر التي يمثلونها، ولو كان قصد المشرع غير هذا المعنى، لجاءت الفقرة الثانية المتعلقة بحالة الانقطاع مطابقة لما نصت عليه الفقرة الأولى بخصوص حالة حل المجلس (التي تتقرر بسبب امتناعه عن مزاوله مهامه مثلا حسب المادة 73 من القانون التنظيمي رقم 113.14) ، كما أن ورود المادة 75 بصيغة "وجب إجراء انتخاب أعضاء المجلس الجديد" لا تحمل في معناها ومبناها ما يمكن أن يستشف منه إجراء انتخابات تشمل جميع دوائر الجماعة التي استقال نصف أعضائها على الأقل، إذ يقصد بصيغة "أعضاء المجلس" أولئك الأعضاء الذين أصبحت مقاعدهم شاغرة بسبب الاستقالة دون غيرهم، ولا يعاكس هذا المَعنى عدم التنصيص اللفظي على ما يدل عليه، لكونه مستنبط من تقدير الكلام في سياقه المُؤَطر بما جاء في نفس الفقرة التي أوردت لفظ الأعضاء مقترنا بما أقدم عليه "نصفهم على الأقل" من تقديم استقالتهم، ولذلك فما تقرر بالنسبة لهم من انتخابات لتعويض مقاعدهم يظل هو الآخر متعلقا بـ "نصفهم على الأقل"، بما يستفاد منه الطابع غير الشامل لهذه الانتخابات التي يقتصر نطاقها على الدوائر التي فقدت ممثليها في المجلس، أما ما تضمنته نفس المادة من ربط الأعضاء المطلوب انتخابهم بـ "المجلس الجديد"، فجاءت مراعاة لكون المجلس أصبح في حالة انقطاع وفقا لما تقضي به الفقرة الأولى منها، ولذلك فتكملة تركيبته عن طريق ملأ المقاعد الشاغرة التي فاقت النصف يجعل منه مجلسا جديدا في مفهوم نفس المادة يستأنف مهامه بتركيبته الجديدة المستوفاة عن طريق الانتخابات التكميلية.

وحيث إنه لئن تعلقت الانتخابات في النازلة بالاقتراع الفردي، فإن ذلك لا تأثير له على ما ذهبت إليه المحكمة من تعليل مسطر أعلاه، إذ أنه لئن كانت مسطرة التعويض لا تتقرر إلا في حالة الاقتراع باللائحة، فإن عدم ارتباط النزاع في النازلة بهذا النوع من الانتخابات لا يعدم انطباق التعليل المشار إليه أعلاه على الاقتراع الفردي، من منطلق أن تفسير وجه تقييد المشرع لإجراء انتخاب أعضاء المجلس في حالة المادة 75 باستيفاء مسطرة التعويض وفقا لما ورد أعلاه، لا يستهدف الإلزام بسلوك هذه المسطرة في جميع الحالات، بل يهدف فقط إلى البحث في غاية المشرع من هذا التقييد للقول بوجوب استمرار الأعضاء المكتسبين للعضوية عن طريق مسطرة التعويض في حالة اللجوء إليها، للوصول عبر القياس من باب أولى إلى ما استهدفه من إبقاءٍ على المقاعد التي لم يقدم أصحابها استقالاتهم، ولذلك فإن عدم تطبيق مسطرة التعويض لتعلق الأمر بالاقتراع الفردي، لا يغير من حق الأعضاء غير المستقيلين في استمرار عضويتهم، لأن التفسير أعلاه يقتضي إقرار ما تم استنتاجه من أولوية استمرار الأعضاء غير المستقيلين في مزاولة مهامهم.
وحيث إنه استنادا إلى ذلك تكون المادة 153 من القانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخابات أعضاء مجالس الجماعات الترابية غير متضمنة لأي تعارض مع المادة 75 من القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات، ولذلك لا وجه لإعمال قاعدة النص الخاص يقيد النص العام لترجيح تطبيق القانون التنظيمي المذكور أخيرا وفقا لما تمسك به الوكيل القضائي للمملكة، ويبقى ما ساقته الجهة الطاعنة من دفوع لإظهار النتائج المختلفة المؤسسة على اختلاف نسبة الأعضاء المستقيلين المتطلبة لإجراء الانتخابات في كلا المادتين، غير مؤسس، إذ أن اشتراط المادة 153 أعلاه استقالة الأعضاء بنسبة الثلث على الأقل لترتيب الآثار المسطرة بها، في مقابل تنصيص المادة 75 على نسبة النصف على الأقل، يظل غير حامل لأي تعارض، ما دام أن سياق كلا المادتين مختلف عن الآخر، ذلك أنه من جهة أولى فاعتماد المشرع في المادة  153 من القانون التنظيمي رقم 59.11 على نسبة ثلث الأعضاء على الأقل جاء فقط بغاية تحديد شروط إجراء انتخابات تكميلية دون أي أثر آخر، بينما جاء نص المذكورة 75 من القانون التنظيمي للجماعات على استقالة الأعضاء بنسبة النصف على الأقل بهدف ترتيب ما قرره من ثبوت انقطاع المجلس عن مزاولة مهامه في هذه الحالة على أساس ورود هذه المادة ضمن الباب الثالث من القسم الأول من القانون التنظيمي المذكور المعنون بالنظام الأساسي للمنتخب، وجاء بعده النص على تنظيم انتخابات تعويض المقاعد الشاغرة بشكل تبعي، في انسجام مع ما تقتضيه المادة 153 من القانون التنظيمي رقم 59.11 على أساس أن تجاوز نسبة الأعضاء المستقيلين النصف يعني تجاوزها لنسبة الثلث التي تشترطها المادة الأخيرة لإجراء انتخابات تكميلية، ولذلك فإن التوفيق بين المادتين يؤدي لاعتبار استقالة نصف أعضاء المجلس على الأقل مؤديا لانقطاع المجلس عن مزاولة مهامه وتعيين لجنة خاصة بقرار السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية تمارس مهام المجلس ورئيسه إعمالا للمادة 74 من القانون التنظيمي للجماعات، ثم إجراء انتخابات تكميلية لتعويض المقاعد الشاغرة، بينما يؤدي استقالة ثلث الأعضاء على الأقل بما لا يصل للنصف، إلى إجراء انتخابات تكميلية دون اعتبار المجلس في حالة انقطاع ودون تعيين اللجنة المذكورة.

وحيث إنه تأسيسا على ما تم بسطه أعلاه، يكون القرار المطعون فيه لما قضى بإجراء انتخابات بمجموع دوائر جماعة السويهلة خارقا للمادة 153 من القانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخابات أعضاء المجالس الجماعية والمادة 75 من القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات مما يجعله مشوبا بعيب مخالفة القانون وهو بذلك متسم بتجاوز السلطة، الأمر الذي يبقى معه طلب إلغائه مبنيا على أساس قانوني سليم ويتعين الاستجابة له.
وحيث إن طلب النفاذ المعجل غير مبرر، خصوصا أمام صدور حكم قضى بإيقاف تنفيذ القرار المطعون فيه، مما يتعين معه التصريح برفضه.
  
المنطوق
 
وتطبيقا لمقتضيات القانون رقم 90/41 المحدث للمحاكم الإدارية.
 
لهذه الاسباب
 
قضت المحكمة الإدارية علنيا ابتدائيا وحضوريا:
 
في الشكل: بقبول الطلب
في الموضوع: بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب عن ذلك قانونا وبرفض باقي الطلب.
وبهذا صدر الحكم في اليوم والشهر والسنة المبين أعلاه.
 
إمضــــــاء:
 
الرئيس والمقرر                                                              كاتب الضبط    



الثلاثاء 30 غشت 2016