MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



تقرير حول ندوة في موضوع إعداد مدونة السلوك والأخلاقيات القضائية في المغرب على ضوء المعايير الدولية

     



تقرير حول ندوة في موضوع إعداد مدونة السلوك والأخلاقيات القضائية في المغرب على ضوء المعايير الدولية
احتضنت مدينة مراكش على مدى يومي 30 و31 أكتوبر 2015 أشغال ورشة حول موضوع : "إعداد مدونة السلوك والأخلاقيات القضائية في المغرب على ضوء المعايير الدولية"، من تنظيم نادي قضاة المغرب بتعاون مع اللجنة الدولية للحقوقيين بجنيف وجمعية عدالة.

استهلت أشغال الورشة بكلمات افتتاحية للمنظمين أكدوا فيها على أهمية تنظيم هذا اللقاء الذي يسعى إلى تعميق التفكير حول موضوع "وضع مدونة للسلوك والأخلاقيات القضائية في المغرب"، وهو الموضوع الذي يكتسي أهمية بالغة بالنظر للسياق العام المرتبط بمناقشة مشاريع القوانين التنظيمية للسلطة القضائية أمام البرلمان، ومشروع الاصلاح العميق والشامل للمنظومة القضائية، حيث تم طرح مجموعة من التساؤلات: أي آفاق لوضع وتطوير مدونة السلوك والأخلاقيات القضائية بالمغرب : أي مسار للصياغة؟ وما هي آليات التنفيذ؟ هل يمكن أن تشكل مدونة السلوك أساسا للمسؤولية المهنية للقضاة، وما دورها في تعريف الأخطاء التأديبية؛ ما مدى القوة الملزمة لهذه المدونة؟ هل يجب تضمينها في القوانين المتعلقة بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية وبالنظام الأساسي للقضاة؟ أم ينبغي أن توضع بشكل مستقل عن هذين القانونين؟ كيف يمكن مقاربة متطلبات الاستقلالية؛ الحياد؛ النزاهة؛ اللياقة؛ المساواة؛ الكفاءة والحرص على ضوء مضمون مدونة السلوك والأخلاقيات القضائية في المغرب و المعايير الدولية ذات الصلة؟
المحور الأول للورشة خصص لموضوع "إعداد مدونة السلوك والأخلاقيات القضائية على ضوء المعايير الدولية"، حيث قدم السيد فيليب تكسيي، مفوض اللجنة الدولية للحقوقيين بجنيف، ومستشار بمحكمة النقض في فرنسا مداخلة حول موضوع "المعايير الدولية المتعلقة بقواعد السلوك والأخلاقيات القضائية"، أكد فيها على ضرورة أن تكون قواعد السلوك والأخلاقيات القضائية محددة بقانون أو مضمنة في مدونة سلوك." فطالما أن المسار المهني للقضاة يرتبط بقواعد السلوك هذه، وخاصة في مجال التأديب، فانه يجب أن يكون تطويرها وصياغتها مبنيان على عملية تشاركية وشفافة تشمل، من بين فاعلين آخرين، القضاة ومنظماتهم المهنية، وأن يكون مضمون هذه القواعد متناسقا بالكامل مع المعايير الدولية ذات الصلة"، مضيفا بأن مبادئ بنغالور للسلوك القضائي تشكل وثيقة مرجعية معترف بها ومطبقة من قبل عدد من الدول كأساس لوضع قواعد السلوك والاخلاقيات القضائية بشكل يتسق مع المعايير الدولية.

وقدمت السيدة مارتين كومت، الرئيسة الشرفية لمحكمة استئناف أورليان في فرنسا مداخلة حول موضوع: "الإلتزامات الاخلاقية للقضاة: التجربة الفرنسية" أكدت من خلالها أن إعداد مدوّنة مفصّلة وشاملة لقواعد السلوك والأخلاقيات القضائية، يتولّى صياغتها قضاة وأعضاء المهن القانونية، وتكون متسقةً مع المعايير الدولية، أمر ضروري لضمان استقلالية القضاء ونزاهته.

وأضافت: "يجب أن تكون هذه المدونة مرسّخةً في القانون باعتبارها المرجع الأساسي لإخضاع القضاة للمساءلة المهنية، كما يجب أنّ يبتّ في أيّ مخالفة لهذه المدونة من خلال إجراءات عاجلة منصوص عليها في القانون، وتمنح القضاة المخالفين الحق في محاكمة عادلة أمام هيئة مستقلة وحيادية وضمانات مراعاة الأصول القانونية، فضلاً عن الحق في مراجعة القرارات والعقوبات أمام هيئة قضائية عليا، تتمتع بالاستقلالية والحياد وبما يتماشى مع المعايير الدولية"، مشيرة في هذا المجال لمجموعة أمثلة تطبيقية لاجتهادات المجلس الأعلى للقضاء في فرنسا.

وأشار السيد سعيد بنعربية مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى اللجنة الدولية للحقوقيين بجنيف إلى ضرورة أن تنصّ المدونة بوضوح على أنواع السلوك التي تعتبر منافية للقواعد والأخلاقيات القضائية، وأنواع الخروقات التي يعاقب عليها إذ لا يفترض أن تكون المدونة تفصيليةً فحسب، بل يجب أن تقدم توجيهات عملية أيضاً وذلك حرصا على منع التدخل في استقلالية القضاة واحتراماً لمبدأ الشرعية.

المحور الثاني لأشغال الورشة تمحور حول التجربة المغربية حيث تناول الدكتور عبد اللطيف الشنتوف رئيس نادي قضاة المغرب موضوع تطوير مدونة السلوك والأخلاقيات القضائية في المغرب حيث أشار إلى أنه لا توجد إلى الآن أي مدونة للسلوك والاخلاقيات القضائية، وإنما اكتفى النظام الأساسي الحالي لرجال القضاء الصادر سنة 1974 بوضع بعض معايير السلوك القضائي، مثل القواعد المتعلقة بأداء القضاة لوظائفهم بشكل مستقل، وحفظ سرية مداولاتهم، والتصرف بشكل نزيه ومخلص، فضلا عن القواعد التي تمنع على القضاة المشاركة في أي عمل سياسي من طبيعته التأثير على سير المحاكم أو تشكيل أو الانضمام الى النقابات المهنية.

وأضاف أن مشاريع القوانين التنظيمية الجديدة تخول للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، سلطة وضع مدونة سلوك قضائي تحتوي على القيم والمبادئ والقواعد التي يجب أن يحترمها القضاة خلال ممارستهم لوظائفهم باستشارة مع جمعيات القضاة، مشيرا في هذا السياق للاشكاليات التي تثيرها المادة 97 من مشروع النظام الأساسي للقضاة، المتعلقة بمفهوم الخطأ المهني الجسيم.

وتطرقت نائبة رئيس نادي قضاة المغرب الأستاذة حجيبة البخاري للخطوات التي أقدم عليها النادي من أجل الاسهام في تخليق المنظومة القضائية من خلال وضع ميثاق أخلاقي لأعضائه، وإطلاق مبادرة محاكم بدون رشوة، وخلق لجان للتخليق داخل المحاكم، ومبادرة جميع أعضاء أجهزته بالتصريح العلني بممتلكاتهم.
وقدمت السيدة رشيدة الحليمي رئيسة المحكمة التجارية بفاس، لمحة موجزة عن مدونة القيم القضائية التي وضعتها جمعية الودادية الحسنية للقضاة كإطار يتعرف القاضي والمجتمع من خلالها على الصفات والمزايا الواجب التحلي بها من طرف القضاة، انطلاقا من وعي الجمعية بضرورة ترسيخ مجموعة من القيم والتقاليد والأعراف التي تحكم سلوك القاضي وتروم طمأنينة المجتمع إليه واحترامه، باعتبارها تدعم استقلاله وحصانته وكفاءته ونزاهته.

وسجل الأستاذ أنس سعدون عضو المرصد الوطني لاستقلال السلطة القضائية مجموعة ملاحظات حول مدونة السلوك والأخلاقيات القضائية التي يفترض من المجلس الأعلى للسلطة القضائية المرتقب أن يعمل على وضعها، من حيث المرجعية التي ينبغي أن تنطلق بالأساس من المعايير الكونية، وأفضل التجارب الدولية ذات الصلة، ومن حيث المنهجية التي ينبغي أن تحترم المفهوم الحقيقي للمقاربة التشاركية، أي بالاشراك الفعلي للقضاة ولجمعياتهم المهنية، مضيفا أن بعض أحكام النظام الأساسي الحالي لرجال القضاء ومشروعي القانونين التنظيميين الجديدين يخالفان المعايير الدولية، خاصة الاحكام المتعلقة بمنع أو بتقييد ممارسة القضاة لبعض الحقوق والحريات، كحرية تكوين الجمعيات والنقابات المهنية والحق في الاضراب، مشيرا إلى أن "مواد مشروعي القانونين ليست مفصلة ومحددة بشكل كافي بحيث تسمح للقضاة بتدبير سلوكهم وفقاً لها، كما لا تقدم تعريفات واضحة للأفعال أو الامتناعات التي يمكن أن تشكل خطأ مهنيا وتنتج عنها المسؤولية التأديبية للقضاة".

وآخذ عضو المجلس الوطني لنادي قضاة المغرب المستشار عبد الله الكرجي على المشروعين عدم تنصيصهما على أن تكون مدونة السلوك القضائي أساسا لمحاسبة القضاة مهنياً وهو ما يفرض تعديل مقتضياتهما لضمان وضع مدونة سلوك وأخلاقيات قضائية شاملة ومفصلة و مكرسة، في اتساق  مع مبادئ "بنغالور"، على قيم الاستقلال، والحياد، والنزاهة، واللياقة، والمساواة، والكفاءة والحرص.
أشغال الورشة التي امتدت على مدى يومين عرفت مناقشة واسعة من طرف خبراء ينتمون للجنة الدولية للحقوقيين، وجمعيات مهنية قضائية من بينها نادي قضاة المغرب والودادية الحسنية للقضاة ورابطة القضاة، وجمعيات مدنية على رأسها المرصد الوطني لاستقلال السلطة القضائية وجمعية عدالة، تناولت هذه المداخلات عدة محاور أهمها :
 
  1. معنى ونطاق المبدأ المتعلق بممارسة القضاة لوظائفهم باستقلال، وذلك على أساس تقديرهم للوقائع وفهمهم للقانون، دون تدخلات أو تحريضات أو ضغوطات او تهديدات خارجية؛
  2. السلوك المطلوب ليكون القضاة مستقلين وأن ينظر إليهم على انهم مستقلين؛
  3. الأمثلة العملية التي يجب تضمينها في مدونة السلوك والأخلاقيات القضائية في المغرب لضمان وحفظ استقلال القضاة.
  4. معنى ونطاق المبدأ المتعلق بممارسة القضاة لوظائفهم بحياد، دون تفضيل أو أحكام مسبقة، في الواقع المغربي؛
  5. السلوك الواجب اتباعه ليكون القضاة محايدين وأن ينظر إليهم على انهم محايدين؛
  6. ما تحتويه القوانين والتشريعات المغربية السارية حاليا فيما يتعلق بتضارب المصالح والنشاطات الغير القضائية وحقوق القضاة في حرية التعبير وإنشاء الجمعيات وتأثير ممارسة هذه الحقوق على حياد القضاة؛
  7. الأمثلة العملية التي يجب تضمينها في مدونة السلوك والأخلاقيات القضائية لضمان وحفظ حياد القضاة.
  8. معنى ونطاق المبدأين المتعلقين بتصرف القضاة بأمانة ونزاهة والوقار الذي تستوجبه وظائفهم القضائية على ضوء التجربة المغربية؛
  9. السلوك الواجب اتباعه ليكون القضاة نزيهين وأن ينظر إليهم على انهم كذلك والأمثلة التي يجب تضمينها في مدونة السلوك والأخلاقيات القضائية لتوجه القضاة في التصرف داخل وخارج المحكمة في إطار احترام متطلبات النزاهة؛
  10. الخطوات المعقولة التي يجب على القضاة اتخاذها لتحسين تكوينهم، ومعلوماتهم، وقدراتهم ومزاياهم الشخصية خلال ممارساتهم لأعمالهم؛
  11. الأمثلة العملية التي يجب تضمينها في مدونة السلوك والأخلاقيات القضائية لتوجه القضاة لضمان ممارسة عملهم بفعالية وقدر معقول من الحرص؛
  12. مفهوم "الخطأ الجسيم" وعلاقته بالمادة 97 من مشروع النظام الأساسي للقضاة.
 

تقرير حول ندوة في موضوع إعداد مدونة السلوك والأخلاقيات القضائية في المغرب على ضوء المعايير الدولية

تقرير حول ندوة في موضوع إعداد مدونة السلوك والأخلاقيات القضائية في المغرب على ضوء المعايير الدولية

تقرير حول ندوة في موضوع إعداد مدونة السلوك والأخلاقيات القضائية في المغرب على ضوء المعايير الدولية



الاحد 29 نونبر 2015

تعليق جديد
Twitter