MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية



تقرير حول اطروحة لنيل الدكتوراه في موضوع اجتهادات مدونة الأسرة - دراسة وتأصيل- تحت إشراف الدكتور المنصف لكريسي اعداد الباحث محمد توفيق الرقبي

     


بسم الله الرحمن الرحيم
تقرير أطروحة نوقشت يوم 19/2/2015 برحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة القاضي عياض- مراكش
اجتهادات مدونة الأسرة
-دراسة وتأصيل-





دكتوراه في الدارسات الإسلامية
بنية تأهيل الأسرة وآفاق التنمية

وبعد المناقشة قررت اللجنة منح السيد محمد توفيق الرقبي
لقب دكتور في الحقوق بميزة مشرف جدا

لجنة المناقشة
الأستاذ الدكتور المنصف لكريسي مشرفا ومقررا
الأستاذ الدكتور عبد الرحمن العمراني رئيسا
الأستاذ الدكتور عبد الرزاق أزريكم عضوا
الأستاذ الدكتور مصطفى الوظيفي عضوا
الأستاذ الدكتور محمد بنتهيلة عضوا



تقرير حول اطروحة لنيل الدكتوراه في موضوع اجتهادات مدونة الأسرة - دراسة وتأصيل-  تحت إشراف الدكتور المنصف لكريسي اعداد الباحث محمد  توفيق الرقبي
 
  
 
 
 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه
 السادةُ الأساتذة والعلماءُ الأفاضل، أعضاء اللَّجنة الموقرة، أيها الحضور الكرام، السلام
عليكم ورحمة الله وبركاته. 

موضوع  البحث وأهميته

يسعى هذا البحث  إلى تأصيل اجتهادات مدونة الأسرة،وبيان المرتكزات والأسس والأصول التي توسلت  بها ،تأصيلا  يؤصل الأصول ويقعد  القواعد، ويرجع  كل مسألة  إلى  منطلقها  ومنشئها  ، مع  بيان  للآليات  الاجتهادية  المعتمدة ، وتتبع للأصل  الفقهي الذي  نهل  منه  المشرع ، عبر دراسة تأصيلية  وقافة  عند  الكليات  العامة  في محاولة  خلق الانسجام بين  القانون  والواقع المتغير باستمرار تبعا  لتغير الزمان  والمكان  خاصة  في القضايا  ذات  التنازع  المرجعي ،مع  كشف لحقيقة  كون المشرع خالف نصوص الشريعة وقواعدها الكلية، ذلك أن  تعميم   الأحكام  دون  فحص وسبر وتدقيق  خطيئة  علمية  وقدح  منهجي يلثم  في متانة  البحث ورصانته  .

 والمراد  باجتهادات  مدونة الأسرة  تلك  القضايا  الجوهرية  التي لحقها  التغيير والمراجعة، سواء كان  هذا  الاجتهاد  انتقائيا)[1](  منتخبا  من  تراث  المذاهب  الفقهية ،أو إنشائيا)[2]( باستحداث رأي جديد ، أو  اجتهادا  جامعا بين  الانتقاء والإنشاء)[3](، حيث لحق التجديد  والاجتهاد  معظم  مناحي  الأسرة ، بدء من  لحظة  التفكير بإنشائها ،مرورا  بإقامتها وبناء صرحها،وانتهاء بانحلالها والآثار المترتبة على ذلك ، ويمكن حصر هذه القضايا والاجتهادات)[4](  فيما  يلي :

-  توحيد  أهلية  الزواج  بالنسبة  للذكر والأنثى  في ثمان  عشرة سنة .
-   إسناد  حق الولاية  إلى  المرأة  الراشدة  بممارسته  حسب اختيارها  ومصلحتها ،أو  توكيل من  تشاء من  الأولياء وبتفويض منها.
-  تقييد  التعدد  بقيود  صارمة  جعلت ممارسته عملية  شبه مستحيلة .
-  إمكانية  الاتفاق بين  الزوجين  لوضع  إطار لتدبير الأموال المكتسبة  أثناء قيام  الزوجية .
-  إخضاع  الطلاق للمراقبة  القضائية  عن  طريق الإذن القبلي .
-  التوسع في الأسباب الموجبة لطلب التطليق للمرأة ، وإقرار التطليق للشقاق .
-  الإقرار بالنسب الناتج  عن  الخطبة وفق قواعد و شروط.
-  إعادة  ترتيب المستحقين  للحضانة  والتسوية  في مدة  الحضانة  وحق الاختيار بين  الذكر والأنثى .
-  تخويل  الحفيدة  والحفيد  من  جهة  الأم على  غرار أبناء الابن حقهم  من  الوصية  الواجبة .
فالمراد تتبع  سند  المدونة في مذهبها واجتهاداتها  ،ودراسة  المرجعية  المؤطرة  لترجيحاتها  واختياراتها  المختلفة .

      وتظهر أهمية  البحث في بسط  الكلام  عن  البعد  التأصيلي التقعيدي لاجتهادات المدونة ، كما  تتمثل  هذه  الأهمية  في كون موضوع  الأسرة  من  المواضيع المتجددة في فروعها  والتي تتصل بالنظام  العام  وبنيات  المجتمع ، والذي يقتضي المتابعة والمراجعة  المستمرة،  استنادا إلى  ما يمليه الاجتهاد  الشرعي القادر على  استيعاب الواقع  وتغيراته      و انطلاقا من  القواعد  الناظمة  لمؤسسة  الأسرة  المؤصلة  بين  ثنايا  الوحي.

أسباب اختيار الموضوع

إن  معالجة  هذا الموضوع  كان لأسباب عدة  أهمها :
1-  عدم  وجود دراسة مستقلة   تفرد  اجتهادات  مدونة الأسرة  بالدراسة  والتأصيل
2-  الرغبة  في الإسهام في تعميق النقاش والتداول التأصيلي لمستجدات  واجتهادات  مدونة الأسرة  ومحاولة  التدليل  لمأخذ المدونة  في كثير مما  ذهبت  إليه .
3-  المساهمة  في إثراء المكتبة  الفقهية والقانونية  المغربية  في مجال قضايا  الأسرة .
4- جِدةُ  البحث في المادة  الأسرية  وخصوصيتها  ،وما  يتعرض له  الموضوع  من  مطالبات  بالاجتهاد  ولو مع  وجود  النصوص التوقيفية المحكمة  ،  مما  يدفع  ببيان  حدود  هذه الدعوى وقواعد   الاجتهاد  في القضايا الأسرية.
5-  أن  دراسة  اجتهادات مدونة الأسرة جملة واحدة يدفع    لفهم  إرادة  المشرع العامة والخاصة ، وذلك  بمقارنة  عناصرها   والوقوف  عند مكامن القصور فيها،  وتتبع  مفاصلها  المشوبة  بالإرسال،أو   الغموض أو  الإجمال  أو النقصان  المخل  ، مما  يعطي مؤشرات  للباحث  لحصر البنود والفصول  الواجبة  التعديل والمراجعة،  بسبب عدم  استحضار مآلات  الأفعال ،أو  الحياد  عن  قواعد  النظر والاجتهاد  .
6- ما يشهده  الفكر المعاصر من  تحولات  جذرية  في المنطلقات ،  ومن  موجات  فكرية وفلسفية  مشبعة بالأنماط  الحضارية  الغربية ، نتج  عنها  دعوات  إلى اعتماد وتبني هذه  الأنساق المذهبية  والفكرية  بمنطق تأطير وتنظيم  مناحي الحياة، وبالخصوص في مجال الأحوال الشخصية  والأسرة  ،  مما  يفرض ضرورة  تأصيل  كل اجتهاد أسري وتقعيد  منطلقاته صيانة  لهذا الكيان الاجتماعي من  رجات  وتحديات  اللحظة ورهانات  المستقبل.
7-  أهمية  الموضوع  على  النحو  الذي أشرت  إليه  سلفا  والذي  يتداخل  ويتكامل مع  أسباب الاختيار . 
خطة دراسة الموضوع

 وأما خطة البحث النهائية  فقد  خلَصت إليها  بعد النظر والتأمل ،  فرتبته تبعا في ثلاثة  فصول: صدرته بمقدمة  مبينة و أردفته بخاتمة ملخصة ويمكن إجمال أهم  محاور البحث فيما  يلي :
خصصت المقدمة للتعريف بالموضوع وبيان  أهميته ،والأسباب الكامنة وراء الاختيار والانتخاب ،مع  ذكر للدراسات السابقة ،والصعوبات  والعقبات التي واجهت عملية  البحث، والمنهجية المعتمدة  وخطة  البحث .
واعتنيت في الفصل الأول : ببيان مرجعية  مدونة الأسرة من خلال أربعة  مباحث:
المبحث الأول: وضحت من خلاله  مسارات تقنين أحكام الأسرة وتعديل المدونة بالمغرب وذلك  بإصدار مدونة الأحوال الشخصية  سنة  1957 وما  تبعها  من  محاولات  التعديل  والمراجعة  وخاصة تعديلات 1993و ما  نجم عنها   فيما  بعد من تداعيات  وإفرازات  جٌسدت في خطة  إدماج المرأة في التنمية ،وما واكبها من  نقاش وجدال، لتفضي إلى مراجعة شاملة  لمدونة الأحوال الشخصية ، وإصدار مدونة الأسرة سنة2004 بتعديلات وإصلاحات  جديدة .
 وفي المبحث الثاني  عرفت بالاجتهاد  والضوابط المطلوب مراعاتها  عند الاجتهاد  في قضايا الأسرة.
وفي المبحث الثالث وقفت عند مرجعية مدونة الأسرة مؤكدا أن المدونة استمدت روحها ومقتضياتها من مرجعيات متعددة ومتضافرة  شرعية ووضعية ، أما في المبحث الرابع  فقد بينت مسلك  المدونة في التعامل مع  التراث  الفقهي ،مسلك  قوامه  الأخذ  بالمذهب المالكي والانفتاح  على باقي المذاهب الفقهية وأقوالها  المنتخبة والمتعددة،  مع الإشارة إلى الموقف من تتبع  رخص المذاهب  .
 أما  في الفصل  الثاني  فقد  خصصته لدراسة  وتأصيل  اجتهادات  مدونة الأسرة المتعلقة  بالأهلية  في الزواج  والولاية  والتعدد ثم النسبُ الناتج  عن  الخطبة ،وذلك من  خلال أربعة مباحث.
الأول يهدف لبيان  مذهب المدونة وسندها الشرعي في   تحديد سن الزواج وتوحيد  الأهلية  بين  الذكر والأنثى،مع عرض لآراء الفقهاء والعلماء في هذا الصدد،ثم بيان للملابسات       و الأسباب الداعية إلى هذا الاجتهاد.
وفي المبحث الثاني انطلقت من كون الولاية من بين المواضيع التي نالت نقاشا واسعا بين أطياف المجتمع، و هذا تطلب تحرير المسألة وبيان  آراء الفقهاء و أدلتهم في الولاية وجوبا و ندبا ،ثم بيان موقف مدونة الأسرة ومسوغاتها و مستندها، مع مناقشة هذا الاختيار.
أما  في المبحث الثالث فقد عالجت الموضوع من خلال الوقوف على مذهب المدونة  في التعدد و شروطه مع بيان موقف الفقه الإسلامي ،ثم عرض للحكمة التي من أجلها شرع نظام التعدد..
ثم  ختمت  الفصل  الثاني بمبحث رابع خصصته لإشكالية النسب الناتج عن الخطبة ورأي الفقه الإسلامي ،ثم اختيار و موقف مدونة الأسرة ومبرراتها و مستنداتها    .
أما في الفصل الثالث فقد  خصصته لباقي اجتهادات المدونة  خاصة إخضاع الطلاق للمراقبة  القضائية وتوسيع حق المرأة في التطليق وتدبير الممتلكات الزوجية والحضانة ثم  الوصية الواجبة ،  وذلك في خمس  مباحث:
الأول حول رقابة  القضاء على الطلاق بينت فيه نظر الفقهاء والعلماء المختصين من  إسناد الطلاق للمراقبة  القضائية عن طريق الإذن القبلي ،مواقف أرخت بظلالها  على اختيار المدونة   وما  صاحبه من إشكالات عملية .
 وفي المبحث الثاني بسطت  القول حول التطليق للشقاق ،وهو نظام جديد أفردت له المدونة بابا خاصا ، وقد تناولته بالتأصيل والتدليل مع  استعراض لأقوال الفقهاء فيه ، ثم بينت موقف مدونة الأسرة مع تحديد نطاقه في التشريع المغربي وإشكالاته العملية والتطبيقية .
 ثم  انتقلت  إلى المبحث الثالث المتعلق بتدبير الأموال المكتسبة أثناء الحياة الزوجية موضحا نظام الكد  والسعاية وسنده  الشرعي وموقف المدونة واختيارها.
 وفي المبحث الرابع بينت أن المشرع عمد إلى تنظيم الحضانة " وتعزيز أحكامها بما يصون حقوق المحضون ويحفظه مما يضره قدر المستطاع "([5]) ،موضحا موقف المدونة من إعادة ترتيب المستحقين للحضانة ،وتحديد فترة ومدة انتهائها، مع توحيد سن الحضانة بالنسبة للجنسين. وآراء الفقه  الإسلامي في الموضوع.      
  أما  في المبحث الخامس  فقد تناولت  فيه الحديث عن الوصية  الواجبة واستحقاقها  من قبل  أبناء البنات مع بيان لموقف الفقه الإسلامي ، ثم موقف المشرع المغربي  بإقرار استحقاق أبناء البنت  للوصية الواجبة  وسنده الشرعي.
 وكما  افتتحت  البحث بمقدمة  أنهيته بخاتمة تضمنت أهم  النتائج  و الخلاصات.
    
وختاما  أسأل الله  تعالى أن يتقبل هذا  العمل ويجعله خالصا لوجهه  الكريم و أن يعصمنا من  الزلل ويجعل أعمالنا  مشمولة بالقصد الحسن .
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.        
 
 
 
 
[1]  ( - المراد  بالاجتهاد  الانتقائي اختيار أحد  الآراء المنقولة  في تراثنا  الفقهي العريض للفتوى أو  القضاء به ترجيحا  له  عن  غيره  من  الآراء والأقوال  الأخرى .  الاجتهاد  في الشريعة الإسلامية مع  نظرات  تحليلية في الاجتهاد  المعاصر للدكتور يوسف القرضاوي ص 115 ط1 /1996  دار القلم  بيروت .  ويسمي الدكتور وهبة الزحيلي الاجتهاد  الانتقائي  بالترجحي والاجتهاد  الإنشائي بالتجديدي  .  ينظر الاجتهاد  الفقهي الحديث  منطلقاته  واتجاهاته ص29  ضمن  :  الاجتهاد  الفقهي أي دور وأي جديد  تنسيق محمد  الروكي -  منشورات  كلية  الآداب والعلوم  الإنسانية  الرباط1996   )سلسلة ندوات  ومناظرات رقم  53( مطبعة  النجاح  الجديدة .الدار البيضاء .
 ([2]   - الاجتهاد  الإنشائي : استنباط  حكم  جديد  في مسألة  من  المسائل لم  يقل به  أحد  من  السابقين سواء كانت  المسألة  قديمة  أو  جديدة . .  الاجتهاد  في الشريعة الاسلامية مع  نظرات  تحليلية في الاجتهاد  المعاصر ص 126.
( [3]   -  هو الاجتهاد الذي يختار من  أقوال القدماء مما يراه  أوفق وأرجح  ويضيف إليه  عناصر اجتهادية  جديدة . .  الاجتهاد  في الشريعة الإسلامية مع  نظرات  تحليلية في الاجتهاد  المعاصر ص 129.  ينظر كذلك  للتفصيل  في الاجتهاد  الانتقائي والإنشائي :  مناهج  الاجتهاد  الفقهي المعاصر  لعارف عز  الدين  حامد  حسونة – أطروحة  لنيل  الدكتوراه 2005 كلية الدراسات  العليا الجامعة  الأردنية -
([4] - الاجتهادات  موضوع  الدراسة هي الواردة  على سبيل  الحصر في ديباجة  مدونة الأسرة،  أما باقي القضايا  المسطرية  التنظيمية  ،والتفصيلية  التوضحية لعض القضايا  فليست  من صلب  واهتمام  الدراسة .
[5] )- دليل عملي لمدونة الأسرة ص 11



الاربعاء 27 ماي 2015

تعليق جديد
Twitter