MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



تعليق على قرار محكمة الاستئناف بأكادير رقم 168 بتاريخ 17/03/2015 بخصوص اثبات تملك الدولة للأراضي الموات بقلم الحسن اولياس

     

تعليق على قرار محكمة الاستئناف بأكادير رقم 168 بتاريخ 17/03/2015 بخصوص اثبات تملك الدولة للأراضي الموات

الحسن اولياس
باحث في القانون



تعليق على قرار محكمة الاستئناف بأكادير رقم 168 بتاريخ 17/03/2015 بخصوص اثبات تملك  الدولة للأراضي الموات بقلم الحسن اولياس
صورة و وقائع القضية:
   
بتاريخ 31/12/2010، تقدم احد الخواص بإيداع مطلب للتحفيظ امام المحافظة العقارية بكلميم، قصد
تحفيظ عقار وهو عبارة عن ارض بورية مساحتها 206 هكتار تقريبا، متواجدة بها دار للسكنى …. ، وقد دعم الشخص المذكور مطلبه بالوثائق التالية:
 
  • رسم عدلي لزينة منزل، يشهد بتملك مساحة143 مترا مربعا.
  • ملحق عدلي بإصلاح الحدود.
  • شهادة إدارية
  • تصميم موقعي.
 
وبتاريخ 01 مارس2011، وقع تحديد الملك المذكور، بحيث أصبحت مساحته محددة في 902 هكتارا، عوض المساحة المصرح بها اثناء إيداع المطلب.

 
وفي غضون فبراير2011، تقدمت الدولة بتعرضها الكلي ضد عملية تحفيظ الملك المتحدث عنه، اعتبارا لكونه مملوك لها بصفة قانونية،

وبتاريخ 20/07/2011، نشرت بالجريدة الرسمية خلاصة إصلاحية، اذ أصبحت عملية التحفيظ تتابع في اسم مشتر من المالك الأول  بموجب وثائق سلفه، والعقد العدلي المضمن بعدد 393 صحيفة 422 بتاريخ 06/04/2011، وملحق عقد بيع عرفي بتاريخ فاتح يوليوز2011.

وبعد إحالة التعرض المذكور والوثائق المرفقة به، على انظار المحكمة الابتدائية بطانطان، فتح للقضية الملف عدد 12/1402/2013، الذي أصدرت فيه حكما .مؤرخا في : 14/03/2014، بصحة التعرض الكلي الصادر عن الدولة ضد المطلب المعني ، بعلة ان رسم ملكية زينة المنزل المستند عليه في تقديم المطلب، لا يخول لصاحبه ملكية الأرض، وانما ملكية البناء لا غير باعتبار ان حق الزينة هو حق عيني يخول لصاحبه ملكية البناء المشيد فوق ارض الغير ليس الا، إضافة الى ان الرسم المذكور لا تتوفر فيه شروط الملك ولا يخول ملكية العقار بمساحته النهائية المحددة في 932هكتارا، وما ينيف
ان الحكم المذكور، كان بتاريخ 23/04/2014، محل طعن بالاستئناف من قبل طالب التحفيظ ،  وفتح لهذا الاستئناف الملف عدد 160/1403/2014، حيث اثار من خلاله المطلوب وسيلة وحيدة متمثلة في خرق الحكم لمقتضيات المادة37 من ظهير12 غشت1913، المتعلق بالتحفيظ العقاري، المعدل والمتمم بالقانون رقم 07/14 ، موردا في هذا الشأن ،انه باعتباره طالبا للتحفيظ لا تناقش حججه الا بعد ادلاء الدولة بحجج تؤسس لتعرضها، ملتمسا الغاء الحكم المستأنف وبعد التصدي الحكم بعدم صحة تعرض الدولة ضد مطلب التحفيظ المعني.
 
وقد  ادلت الدولة خلال المرحلة الاستئنافية  بمذكرة جوابية ، ابرزت من خلالها مدى صواب الحكم الابتدائي فيما قضى به من جهة اعتبارا لكون وثائق خصمها لا تؤسس لما يطالب به من مساحة من جهة ، ومن جانب اخر فانه بالرغم من كونها – أي الدولة متعرضة في نازلة الحال فان نزاع التحفيظ هو بمثابة دعوى استحقاق وبالتالي فان من بين مهام قاضي التحفيظ تقييم حجج الأطراف والمقارنة بين قوتها الاثباتية اذ ليس هناك ما يمنع قضاة الموضوع من فحص وثائق طالب التحفيظ ومقارنتها بوثائق المتعرض استنادا لسلطتهم التقديرية في الموضوع ،... ملتمسة تأييد الحكم الابتدائي لمصادفته للصواب فيما قضى به و وروده معللا تعليلا قانونيا صحيحا ، ما دام في نهاية المطاف ان ما يطالب به طالب التحفيظ من مساحة لا توثق له حججه المدلى بها في الملف، فاصل الحق المطالب به كما سلف الذكر هو زينة منزل لا غير.
كما ادلى المستأنف خلال هذه المرحلة برسم ملكية انجزه في غضون ابريل2013، ملتمسا الحكم وفق طلباته.

هذا وبعد تبادل المذكرات والردود بين الأطراف، أصدرت محكمة الاستئناف بأكادير قرارها بإلغاء الحكم المستأنف وتصديا التصريح بعدم صحة تعرض الدولة على المطلب المعني، معللة قرارها بالنقط التالية
 
  • ان الدولة متعرضة ، وما دام الامر كذلك يتعين عليها ان تعزز تعرضها بالموجبات القانونية المثبتة للتملك، على أساس ان القاعدة المعمول بها انه لا يسأل طالب التحفيظ عن مدخل تملكه الا اذا ادلى المتعرض بما يؤيد تعرضه.
  • ان الدولة المغربية تدعي ان العقار محور النزاع، هو ارض موات وليس ضمن وثائق الملف ما يثبت ذلك، وان بعض المراسلات الإدارية المدلى بها من كون السلطات المحلية تعترف بكون هذا العقار هو من ضمن أملاك الدولة، لا ترقى لمستوى الوثائق المثبتة للملكية بل هي مجرد رسائل إدارية ليس الا.
  • ان وثائق الملف تؤكد ان الحيازة بيد طالب التحفيظ المستندة على وثائق تملكه للعقار.
 
التعليق والتحليل:
 
سوف يقتصر تعليقنا في هذا الجانب على الحيثية المعتمدة من قبل المحكمة في تبرير منطوقها بعدم اعتبار موضوع النزاع ارضا مواتا، لكن قبل ذلك لابد من القاء نظرة مبسطة عن تعريف الأراضي الموات وكيف تعامل الفقه والقضاء مع الموضوع المرتبط بها، على ان يتم مناقشة مدى تقيد  القرار الاستئنافي في تطبيق النصوص القانونية ومدى مسايرة العمل الفقهي والاجتهاد القضائي  في الموضوع

تعريف أراضي الموات وكيفية تعامل الفقه والاجتهاد القضائي مع الموضوع المرتبط بها:

    الموات لغة: ، مشتق من الموت، وهو عدم الحياة، واصله في اللغة ذهاب القوة من الشيء.
    قال ابن منظور:" الموت في كلام العرب يطلق على السكون، فيقال ماتت الريح أي سكنت... وماتت النار موتا برد رمادها، فلم يبق من الجمر شيء"

    وقال أيضا " والموتان من الأرض: ما لم يستخرج ولا اعتمر.... والموات أيضا الأرض التي لا مالك لها من الادميين ولا ينتفع بها أحد".

     واصطلاحا، فلفظة الأراضي الموات استعملت في الفقه الإسلامي بمعان وتعريفات متعددة ومتقاربة.
    ففي الفقه الحنفي مثلا: الأرض الموات هي تلك الأرض التي تعذر حرثها وزراعتها، اما لانقطاع الماء عنها او لغلبته عليها، غير مملوكة وبعيدة عن العامر، وقيل: ما ليس بملك لاحد ولا هي من مرافق البلد، وكانت خارجة البلد سواء قريبة منه او بعيدة.

     وعند المالكية: الموات هو كل ما لم يملكه أحد في الإسلام ولا عمر في الجاهلية عمارة ورثت في الإسلام، وقيل أيضا: الأرض المنفكة عن الاختصاص.

    وفي الفقه الشافعي: كل ما لم يكن عامرا، ولا حريما لعامر، وقيل أيضا: الأرض التي لا مالك لها ولا ينتفع بها احد.

    وعند الحنابلة: الأرض المنفكة عن الاختصاصات، وملك معصوم.

اما التعريف القانوني لها ، فحسب نص المادة 222 من مدونة الحقوق العينية نجد ان :" الأراضي الموات التي لا مالك لها تكون ملكا للدولة، ولا يجوز وضع اليد عليها الا بإذن صريح من السلطة المختصة طبقا للقانون".

وتضيف المادة223 من نفس المدونة على ما يلي: " من احيا ارضا من الأراضي الموات، بإذن من السلطة المختصة، فله حق استغلالها"

 وتحدثت الفصول 224 الى 226 من نفس المدونة عن حق استغلال هذه الأراضي ومن المختص بذلك.... الخ.

   كما ان المشرع المغربي كذلك، أشار أيضا وبكيفية غير مباشرة الى الأراضي التي لا مالك لها او لم يتم التعرف على مالكيها في معرض تطرقه للتحفيظ الاجباري، وبالضبط في المادة51-7 التي ورد بها:" تحرر مطالب التحفيظ وتدرج تلقائيا في اسم الملك الخاص للدولة بالنسبة للقطع التي لم يتم التعرف على مالكيها اثناء اشغال البحث....".

    وعن حق الدولة في تملك أراضي الموات ومشروعية احيائها واستغلالها فقط من الغير دون ادعاء التملك، نجد  ان المنظور القانوني انما جاء ليؤكد نفس الطرح المتبنى فقهيا في الموضوع ، وقد تم ذلك عبر مراحل، ففي ظل القانون المقارن وخاصة  النظام السعودي مثلا وقبل تاريخ 9/11/1387 هجرية، كان النظام يتيح اثبات المحاكم لتملك المواطنين بالإحياء وإخراج صكوك التملك (حجج الاستحكام)، بعد التأكد من حصول الشروط المعتبرة شرعا في الاحياء، دونما حاجة الى الحصول اذن الولي، فكان المتقدم للمحكمة يقدم ما يثبت حصول الاحياء سواء كان زراعيا او سكنيا، ثم يتولى القاضي العمل على تطبيق القانون.

   فقد ورد بالمادة 85 من نظام تنظيم الاعمال الإدارية بالدوائر الشرعية الصادر بالتصديق العالي رقم 109 وتاريخ 24/01/1372 هجرية، ما يلي:" على المحكمة اذا طلب منها عمل استحكام ان تكتب الى كل من البلدية والاوقاف والمالية ، للاستفسار عما اذا كان هناك مانع لديها من اجراء ذلك، فان لم يكن ثمة مانع، اجري الاستحكام بعد إعلانه في الجريدة الرسمية لمدة شهر"،  واستمر العمل وفق هذا النهج  قرابة15 سنة، حتى صدر قرارا لمقام السامي رقم 21679 بتاريخ 09/11/1387 هجرية والذي ينص على انه: " كل من يدعي وضع اليد لا يلتفت الى دعواه من الان فصاعدا" .

   اعتبارا لما تقدم، اصبح النظام السعودي يعتبر الأراضي الموات ملك للدولة و  يشترط لصحة ثبوت الاحياء بعد توفر الشروط المقررة شرعا ، ان يكون ذلكم الاحياء قبل   9/11/1387 هجرية، او الحصول على اذن الولي فيما بعد هذا التاريخ، وقد تأكد هذا المعطى بدوره من خلال نظام المرافعات الشرعية الصادر بالمرسوم الملكي عدد 2/21 بتاريخ 20/05/1421 هجرية الذي نسخ نظام تنظيم الاعمال الإدارية في الدوائر الشرعية.

  وبالرجوع الى القانون المغربي ;باستقراء المواد 222 الى 226 منها،  الواردة في مدونة الحقوق العينية وبالضبط  في الكتاب الثاني المتعلق بأسباب كسب الملكية والقسمة( الفصل الأول المتعلق بإحياء الأراضي الموات والحريم والالتصاق والحيازة)، نجد ان تلكم المواد تقر بكون الأراضي التي لا مالك لها هي ملك للدولة، كما انه لا يجوز وضع اليد عليها الا بإذن صريح من السلطة المختصة طبقا للقانون ومن جانب اخر فان من احيى ارضا ميتة بإذن من السلطة المختصة، فله فقط حق استغلالها .....الخ

انطلاقا من ذلك، وباستقراء النصوص المعنية يتضح ما يلي:
 
  1. الأراضي الموات هي ملك للدولة فقط
  2. استغلالها وتسييرها من قبل الغير لا يمكن له ان يتم، الا بعد الحصول على الاذن او الترخيص من السلطة المختصة
  3. الغير له الحق في الاستغلال فقط دون الادعاء في يوم من الأيام ملكية الرقبة التي هي للدولة وبقوة القانون.
  4. يختص المستغل (اهل البلدة، مالك الدار، رب البئر، محدث الشجر) بالحريم، ويمنع الغير من استغلاله او احداث أي شيء فيه، وكل ما يضر بهذا الحريم يزال.
 
  
و على صعيد الاجتهاد القضائي المغربي ، نجد  ان اجتهاد محكمة النقض ، سبق ان اقر بمشروعية تملك الدولة لهذا النوع من الأراضي في فترة سابقة لصدور و نشر الظهير الشريف رقم 1.11.178 الصادر بتاريخ 22 نونبر2011 بتنفيذ القانون رقم39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية، بالجريدة الرسمية عدد5998 بتاريخ 24 نونبر2011،من خلال قرار للمحكمة المذكورة، كان موضوعه نزاع تحفيظ قائم بين بعض الخواص والدولة (الملك الخاص)، ويهم عقارا كائنا بدائرة ابن احمد التابعة في ذلكم الوقت للمحافظة العقارية بالبيضاء، الذي ورد فيه :

" لكن ردا على الوسائل مجتمعة، فان القرار قد اشار في صفحته الثانية الى "تقديم النيابة العامة لملتمسها الكتابي الرامي الى تطبيق القانون" وانه بما للمحكمة مصدرته من سلطة في تقييم الأدلة واستخلاص قضائها منها، حين علل بأنه" ثبت من المعاينة أن الجزء موضوع التعرض شبيه بأرض المحروم او ما يسمى بالمنطقة"مكراط"، الموالي امتداد لها والتي هي على ملك الدولة، وأفاد الشاهدان المستمع إليهما بعين المكان واللذان احضرا من طرف طالب التحفيظ،  أن الجزء المذكور كان أرضا محروما...يستغل مرعى من قبل كافة سكان المنطقة إلى أن اقام عليه موروث طالبي التحفيظ سياجا من الحجر وقام باستصلاحه وضمه لأرضه. وان الحيازة لا ثتبت الملك بالنسبة لعقارات الملك الخاص للدولة، مما كان معه تعرض هذه الاخيرة في محله......"( قرار عدد3395 بتاريخ 19/09/200، في الملف المدني عدد651/1/1/2000، غير منشور،).  

         من خلال ما سبق يتضح ان مشروعية تملك الدولة للأراضي الموات مؤسس بنص قانوني صريح ومعزز باجتهاد لقضاء محكمة النقض، استخلص طبيعة كون الأرض مواتا من خلال مجرد معاينة دون الاستناد الى اية وثيقة وكان ذلك، قبل تقنين الموضوع بصريح المادة 222 من مدونة الحقوق العينية.
 
حول مدى تقيد القرار الاستئنافي موضوع التعليق بالنصوص القانونية والمتون الفقهية واجتهاد محكمة النقض في موضوع الأراضي الموات:
 
         أوردت المحكمة ضمن تعليلات قرارها موضوع هذا التعليق ما يلي:
        لكن حيث انه بخصوص الرسائل الإدارية المعتمدة في التعرض ، فهي مجرد وثائق صادرة عن جهة إدارية ولا يعقل لاي جهة إدارية كيفما كانت ان تشهد بملكية شخص ما لعقار معين واستغلاله له، لان اثبات التملك انما يتم بالبينات الشرعية والحجج القانونية المعمول بها في مجال الملكية والتصرف ، ولذلك تبقى هذه الرسائل الإدارية على فرض تعلقها بالعقار المدعى فيه غير منتجة في الاثبات وعديمة الأثر القانوني.

............................................................................................
" ...ومن جهة أخرى ، فانه اذا كانت الأراضي الموات ملكا للدولة ولا يجوز للغير وضع اليد عليها ، لا بإذن السلطات المختصة طبقا للمادة 222 من مدونة الحقوق العينية ، فان ذلك رهين بثبوت هذه الطبيعة والوصف للعقار المدعى فيه والواقع الذي اظهره التحديد الطبوغرافي وملاحظات المهندس الطبوغرافي والثابت من خلال وثائق المطلب ان هذا العقار يشمل بئرا وبنايتان سكنيتان وارض زراعية محروثة ومستغلة وظفيرتان وصهريج  مبني بالاسمنت المسلح وساقية لتوريد المواشي...وهي مظاهر واقعية تدل على ان ارض المطلب مأهولة ومستغلة وليست ارضا مواتا.....".

 
 هذا التعليل – حسب وجهة نظرنا- يعوزه الأساس، لاعتبارات منها:

ا-وقوع المحكمة في تناقض صارخ اذ ان السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح وبمجرد القاء نظرة أولية على هذا مضمونه-أي مضمون التعليل-وبعيدا عن مناقشة فحوى  المادة222 من مدونة الحقوق العينية، هو التالي: من اين استخلصت المحكمة ان الأرض ليست مواتا? ثم كيف ثبت لها ان تلكم الأرض مستغلة بأكملها من لدن طالب التحفيظ? ربما قد نقول وكما ذهبت الى ذلك  انه استخلصت الامر من وثائق الملف ، لكن  لا يحق  ان يتم استخلاص واقعة مادية محضة مرتبطة بواقع العقار وحالته من وثائق الأطراف بل ان الامر يستلزم اجراء المحكمة للتحقيقات اللازمة، ولوسائل الاثبات المتاحة ، فالمحكمة ،لم تجر ولو معاينة ميدانية للتأكد مما انتهت اليه من انتفاء صبغة ارض الموات عن موضوع النزاع، واستماعها للشهود والحاضرين بعين المكان للجزم في الامر ، خارقة بذلك مقتضيات الفصل43 من ظهير التحفيظ العقاري المعدل والمتمم بالقانون رقم07/14، الذي ينص على ما يلي: يمكن للمستشار المقرر اما تلقائيا أو بطلب من الأطراف، أن يتخذ جميع التدابير التكميلية للتحقيق وبالخصوص أن يقف على عين العقار المدعى فيه مستعينا- عند الاقتضاء- بمهندس عقاري طبق الشروط المحددة في الفصل 34 ليقوم هناك بتطبيق الرسوم أو الاستماع إلى الشهود، كما يمكنه بموافقة الرئيس الأول، ان ينتدب لهذه العمليات قاضيا من المحكمة الابتدائية ....."، وقد أصدرت محكمة النقض العديد من القرارات الصادرة في شان عدم تقيد محاكم الموضوع بتطبيق مقتضيات هذه المادة منها، على سبيل المثال لا الحصر:
 
قرارها عدد 486 الصادر بتاريخ 06/02/2008 في الملف عدد 2735/1/1/2004 والذي  جاء فيه:
 
" حيث صح ما عابته الطاعنة على القرار ....في حين حسب الفصلين 34 و43 من ظهير التحفيظ العقاري ، فإن تطبيق الرسوم على العقار المطلوب تحفيظه وإثبات الحيازة فيه لأحد الأطراف إنما يتحققان بالبحث بواسطة المستشار المقرر بعين المكان مع الاستعانة بمهندس طبوغرافي عند الاقتضاء والاستماع إلى الشهود ، وأن الخبير المعين من طرف المحكمة عندما قام بتطبيق الرسوم المدلى بها من طرف المطلوبة في النقض وعلى الكيفية المذكورة في تقريره واستخلص حسب قناعته بأن أرض المطلب هي ضمن أملاك نظارة أوقاف القصر الكبير ، يكون بذلك قد تجاوز مهمته التقنية الأمر الذي يكون معه القرار المعتمد هذه الخبرة ، فاسد التعليل الموازي لانعدامه وخارقا للفصل 59 من قانون المسطرة المدنية مما عرضه للنقض والإبطال ."
 
* قرارها عدد 1668 بتاريخ 30-04-2008 في الملف المدني عدد 2646-1-1-2005 الذي جاء فيه:
 
"...وهذا ما يقتضي من المحكمة إجراء تحقيق تقني بواسطة أهل الاختصاص لتأكيد ما إذا كان عقار المطلب يدخل في العقار المحدد في الجريدة الرسمية المذكورة أم لا، وان اقتضى الحال إجراء معاينة بالاستعانة بمهندس طبوغرافي والاستماع إلى الشهود عملا بالفصل43  من ظهير 12 غشت 1913 الأمر الذي يكون معه القرار المذكور غير مرتكز على أساس قانوني مما عرضه للنقض والإبطال."
 
  • القرار عدد 90 بتاريخ 06/01/1999، في الملف المدني عدد 3906/95، الذي جاء فيه:" – لما تمسك الطاعن بحجة يدعي فيها ان مساحة وحدود العقار يختلف عن العقار موضوع مطلب التحفيظ وطلب اجراء معاينة لتطبيق حجج الطرفين على محل النزاع، ودون ان تقوم المحكمة بالوقوف على عين المكان لتطبيق ذلك، دون ان تبين في قرارها من اين استخلصت الانطباق، يكون قرارها ناقص التعليل الموازي لانعدامه"، قرارمنشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى ، عدد53 و54، ص25 وما يليها.
 
  • القرار عدد 862 بتاريخ 27/02/2001، في الملف المدني عدد 1420/00، الذي جاء فيه: "- يتعرض للنقض القرار الذي اعتمد على عقود شراء الملاك المجاورين، للقول بصحة تعرض احد الأطراف دون ان يثبت ولو بالاستعانة بخبير ان اقتضى الحال ذلك، القطعة المبيعة لاحدهما والقطعة المبيعة للأخر، سيما وان البائع واحد والتجزئة واحدة"، قرار مشار اليه في كتاب  ظهير التحفيظ العقاري والعمل القضائي المغربي، ذ/ محمد بفقير  الطبعة الاولى2011، ص83.
 
 
         ب- لتبرير تعليل منطوق قرارها هذا في الموضوع، فقد كان على المحكمة ان تعاين طبيعة العقار محور النزاع، والتأكد من وجود او عدم وجود الاغراس والمنشئات التي ذكرتها استنادا لما ورد بمذكرات طالب التحفيظ  ووثائقه ومدى كون طالب التحفيظ هو الذي انشاها والمستغل لها ام انها بيد الغير،  وان هذا الغير لا ينازع طالب التحفيظ ولا الدولة فيها ، ثم ان وثائق الملف وعلى فرض ما ذهبت اليه المحكمة لا توثق للفترة الزمنية الحالية لأرض النزاع فتلكم الوثائق حررت بتواريخ سابقة على عرض النزاع على المحكمة والبعض منها محرر خلال عرض النزاع عليها ...الخ، وبالتالي فان استخلاص كون الأرض مستغلة من قبل طالب التحفيظ بصورة كلية ام جزئية ينبغي ان يتم بإجراء من إجراءات التحقيق، كما سلف الذكر،....فالجزم باستغلال طالب التحفيظ لأرض تنيف مساحتها عن 900هكتارا، و تحديد طبيعة الاستغلال يحتاج الى معاينة في الموضوع، فالأراضي الموات  هي التي  لا تتضمن أي اثار لوجود او اتساع للعمران بها وهي المعبر عنها فقها بالاراضي المحروم.

ج-  ملكية الدولة للأراضي الموات ثابتة بنص قانوني صريح( أي ان النص القانوني منشئ للحق واجراء المعاينة او وجود رسائل إدارية او غيرها يثبت طبيعة تلكم الأراضي انما هي وقائع و قرائن كاشفة لذلكم الحق،
 
 
    د-   انه بالاطلاع على القرار الذي سبق ان أصدرته محكمة النقض في قضية مشابهة والذي تم التطرق الى تعليلاته أعلاه، نجد ان محكمة النقض سايرت اتجاه محكمة الاستئناف المطعون ضد قرارها، والتي اجرت معاينة على عقار تبث من خلالها ان هذا الأخير يشبه ما يسمى " الأرض المحروم"، واثناء التحقيق والاستماع الى الشهود تبين كذلك انه كان يستعمل كمرعى للغنم، وان ما أقامه خصم الدولة من سياج على العقار وما احدثه فيه من إصلاحات لا يمكن ان ينفعه في شيء، لا أملاك الدولة لا يحاز عليها، وهي القاعدتان المؤطرتان حاليا بنصي المادتين222 من مدونة الحقوق العينية( تملك الدولة للأراضي الموات) و261 من نفس المدونة( عدم سريان اثار الحيازة من قبل الغير على أملاك الدولة ).
 
خلاصة واستنتاج:
 
    من خلال ما سبق، يتضح في نظرنا  سوء تطبيق القانون من قبل محكمة الاستئناف بأكادير في هذه النازلة في خرق سافر لمقتضيات المواد 222 و223 من مدونة الحقوق العينية والفصل43 من ظهير12 غشت1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري كما تم تغييره وتتميمه بالقانون رقم07/14، وفي مخالفة أيضا لما استقر عليه اجتهاد محكمة النقض في هذا الباب ، على اعتبار  ان مشروعية تملك الدولة للأراضي الموات مؤسس بنص قانوني صريح ومعزز باجتهاد لقضاء محكمة النقض وفق ما سبق سياقه ، استخلص طبيعة كون الأرض مواتا من خلال مجرد معاينة دون الاستناد الى اية وثيقة وكان ذلك، قبل تقنين الموضوع بصريح المادة 222 من مدونة الحقوق العينية، إضافة الى استبعاد القرار المذكور لوثائق إدارية صادرة عن السلطات المحلية بالإقليم التي في نظرنا  جاءت لتزكي مشروعية تملك الدولة لهذه الأراضي ، تلكم الوثائق التي تعتبر تأكيدا لفحوى المادة المذكورة وتعد أيضا حججا رسمية صادرة عن موظفين عموميين ،لا يطعن فيها الا بالزور، وقد كان على المحكمة في هذه النازلة اجراء معاينة ميدانية للتأكد من موقع الأرض موضوع النزاع وطبيعة استغلالها ومدى وجود واتساع العمران بها، ...الى غيبر ذلك من المعطيات حتى تؤسس منطوق قرارها على الأقل في جانب منه على أساس قانوني. 
 

المراجع المعتمدة:
  • مؤلف " ضوابط احياء الأراضي الموات"، منشور بصيغة PDF على الموقع الإلكتروني http://uqu.edu.sa
  • " نوازل العقار" للأستاذ احمد بن عبد العزيز العميرة، دار الميمان للنشر والتوزيع، الرياض، الطبعة الأولى 2011.
  • " التركة الشاغرة في القانون المغربي"، للأستاذ عبد السلام الشمانتي الهواري، الطبعة الاولى2013.
  • المساطر الخاصة للتحفيظ العقاري، ذ/ احمد العطاوي، الجزء الأول، منشورات مجلة القضاء المدني
  • لسان العرب، لابن منظور.
  • الأحكام السلطانية للماوردي – دار الكتاب العربي – بيروت.
  • كتاب إحياء الأراضي الموات – ذ/ المظفر – طبعة 1972
  • مدونة الحقوق العينية المغربية.




الثلاثاء 22 سبتمبر 2015

تعليق جديد
Twitter