MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



باسم الملك و طبقا للقانون ـ دور محكمة النقض في توحيد العمل القضائي و ضبطه بقلم ذ منير فوناني، محام بهيئة الرباط

     



باسم الملك و طبقا للقانون ـ دور محكمة النقض في توحيد العمل القضائي و ضبطه بقلم ذ منير فوناني، محام بهيئة الرباط

صدر العدد 20 من مجلة الملف في شهر فبراير 2013، و إذا ما ازحنا كلمة مجلة الملف من الجملة السابقة، سيبقى لنا 20 فبراير 2013، و هي ذكرى الحراك المغربي.

فحركة 20 فبراير كانت المحرك الرئيسي نحو تغيير الدستور، الذي صوت عليه الشعب المغربي سنة 2011، و هم يعلمون أن به فصل يركز على ضرورة ضمان أمنهم القضائي، الذي يفيد مدى انعكاس الثقة في مؤسسة القضاء و الاطمئنان الى ما يصدر عنها من قرارات و احكام
[1].

 فقد نص الفصل 117 من الدستور على ما يلي: "يتولى القاضي حماية حقوق الاشخاص و الجماعات و حرياتهم و أمنهم القضائي، و تطبيق القانون".

عودة إلى المجلة، فقد نشرت في عددها الاخير قرارين صادرين عن الغرفة الجنائية بمحكمة النقض المغربية سنة 2012، الاول في شهر يناير عن القسم الثامن، و الثاني في شهر يونيو من نفس السنة عن القسم الخامس.

فالأول اعتبر ان محكمة الاستيناف و ان استهلت قرارها بصيغة "باسم جلالة الملك" دون ذكر كلمة "و طبقا للقانون" لا ينال من شرعية القرار او يمس ذاتيته مع وجود الصيغة المذكورة "باسم جلالة الملك"، طالما ان هذا الاستهلال او هذا الصدور في حد ذاته امر مفترض بقوة الدستور نفسه، و ان ايراد كلمة "و طبقا للقانون" بوثيقة القرار ليس الا عملا ماديا كاشفا عن ذلك الامر المفترض و ليس منشئا له (قرار محكمة النقض المغربية عدد 125/8 المؤرخ في 26/1/2012 ملف جنائي عدد 15429 و 15430/6/8/2011)
[2].

اما القرار الثاني الصادر عن نفس الغرفة و في نفس السنة، لكن مع اختلاف في الشهر و القسم، اعتبر كون القرار الذي تضمن فقط عبارة "باسم جلالة الملك" دون عبارة "وطبقا للقانون"، قد جاء خاليا من البيان المنصوص عليه في البند الاول من المادة 365 من قانون المسطرة الجنائية، و معرضا للبطلان عملا بالبند الاول من المادة 370 من نفس القانون ( قرار محكمة النقض المغربية عدد 453/5 المؤرخ في 20/6/2012 ملف جنائي عدد 6992/6/5/2012)
[3].

إننا هنا لا ننقاش مدى سلامة القرارين من عدمه، و إنما نقف على مسألة أساسية تتمثل في دور محكمة النقض المغربية في توحيد العمل القضائي و ضبطه، لكون من شأن قرارات من هذا القبيل زرع الشك، في نفوس المواطنين، و انعدام الثقة و الامان في أعلى سلطة قضائية في البلاد، التي من المفروض فيها السهر على تحقيق الامن القضائي.

ألا يجدر تفعيل مرصد الاجتهاد القضائي داخل محكمة النقض، لكي يلعب دور التتبع و التنسيق بين غرف و أقسام محكمة النقض، والعمل على عقد اجتماعات منتظمة داخل المحكمة لمناقشة كافة الاشكاليات المرتبطة بالعمل القضائي، دون الاقتصار على مراسلات داخلية من رئيس محكمة النقض إلى رؤساء الغرف، التي تظل حبيسة الرفوف و سجل المراسلات، والتباهي بها في التقارير السنوية الصادرة عن محكمة النقض.

لانه لا يعقل في نفس السنة، خلال فترة ستة أشهر، صدور قرارين مختلفين، عن نفس الغرفة، لكون أمر من هذا القبيل سيؤدي الى انعدام الرؤية لدى محاكم الموضوع، و غياب التوقع في قرارات المحاكم، و بالتالي سيكون له انعكاس مباشر على عدد القضايا المعروضة على المحاكم، بالنظر لصعوبة تقديم الاستشارة القانونية، في ظل اختلاف الحلول القضائية في نوازل متشابهة، و هو ما سيشجع اللجوء إلى القضاء ما دام أن النتيجة غير معروفة سلفا.

لكون معرفة حل النزاع و مصيره في قضايا مماثلة من شأنه التخفيف من حدة اللجوء إلى القضاء، ما دام أن هذا الاخير قد حسم توجهه في نازلة معينة، و أنه لا فائدة من عرضها مجددا عليه.

أما آن الاوان لانفتاح محكمة النقض المغربية، أولا على أقسامها و غرفها، و تعميم نشر المعلومة القضائي بين مستشاريها، و ثانيا انفتاح المحكمة على محيطها من خلال نشر جميع القرارات بدون استثناء و تسهيل عملية الولوج و الاطلاع على قرارات محكمة النقض، و بعد الاطلاع الحصول على نسخ منها دون عراقيل.

و كل ذلك من أجل تحقيق صالح المواطنين، و الوصول إلى تطلعاتهم الرامية إلى إصلاح منظومة العدالة.
لكون أي إصلاح كيفما كان و مهما بلغ من درجات الكمال، ستنسفه قرارات من هذا القبيل، لكون الاصلاح مساره طويل بدايته قيام محكمة النقض بدورها الاساسي في توحيد التوجهات لا إدخال محاكم الموضوع في متاهة و جعلها في حيرة من أمرها.


الهوامش

[1] - عبد المجيد غميجة: مبدأ الامن القانوني و ضرورة الامن القضائي- مجلة الملحق القضائي العدد 42- ماي 2009- ص: 3.
[2] - قرار محكمة النقض المغربية عدد 125/8 المؤرخ في 26/1/2012 ملف جنائي عدد 15429 و 15430/6/8/2011- منشور بمجلة الملف العدد 20- فبراير 2013- ص:160.
و كذا في مجلة قضاء محكمة النقض – عدد 75- ص: 362.
[3] - قرار محكمة النقض المغربية عدد 453/5 المؤرخ في 20/6/2012 ملف جنائي عدد 6992/6/5/2012- منشور بمجلة الملف العدد 20- فبراير 2013- ص: 158.




الخميس 17 أبريل 2014

عناوين أخرى
< >

الجمعة 19 أبريل 2024 - 01:41 كليات القانون فى جامعات المستقبل

الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 10:43 محنة المدونة


تعليق جديد
Twitter