MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



الملف الشهري: نـشــر الأحكام القضائية فـكـرة جــيــدة، و لـكـن ...بقلم الدكتور إدريس فجر

     



الملف الشهري:  نـشــر الأحكام القضائية فـكـرة جــيــدة، و لـكـن ...بقلم الدكتور إدريس فجر

أعدت جمعية " عدالة وحقوق " بشراكة مع سفارة هـــولانــــدا بالرباط
مشروعا يرمي إلى تحقيق هدفين : الأول وهو المتعلق بتقييم أداء المحاكم
والخدمات التي تقدمها استنادا إلى ملاحظات محامين أعضاء في هذه  الجمعية
يستجمعونها في ضوء استمارة معدة سلفا وضعتها لجنة متخصصة  ، أما الهدف
الثاني فهو يتعلق بنشر الأحكام المعيبة بعد دراستها والتعليق عليها  ،

وتم الإعلان عن المشروع المذكور بحضور السفير الهولندي وممثلي بعض
المنابر الإعلامية  يوم الجمعة الماضي 28/2/2014 بأحد الفنادق بالرباط  ،

وكانت مجمل ردود الفعل على المشروع من قبل غالبية القضاة سلبية على قنوات
التواصل الاجتماعي (الفايسبوك) ، مع انه للفكرة جانب إيجابي يجب الاعتراف
به(I) ولها أيضا جانب خلافي لا ننكره (II) ولكن لو أن الجمعية المذكورة
ومعها سفارة هولاندا بالرباط كرستا جهودهما للرفع من قدرات قضاتنا على
تحرير أحكامهم واكتساب الخبرة في التعليق على الأحكام بدلا من فضحها
والتشفي فيها ، مع البحث عن سبل إشراك القضاة في العملية لكان أحسن (III)
،مع ملاحظة أن بعض الممارسين في قطاعات مهنية حرة أخرى يرتكبون أخطاء
بشرية قاتلة في حق زبنائهم أخطر مما يرتكبه القضاة الذين يصدرون مجرد
أوراق أي أحكام قد تنفذ وقد لا تنفذ وفي جميع الأحوال هنا ك طرق الطعن و
تعدد لدرجات التقاضي ، ولكن هذه المقارنة ليست  بمبرر لعدم مناقشة القاضي
في كيفية أدائه لعمله ونشاطه ومن خلال النطق بأحكامه التي قد تنشر بما
لها وما عليها .
 .
-I
الجانب الايجابي في فكرة نشر الأحكام :
 

إن فكرة نشر الأحكام الابتدائية بواسطة الصحف أو المجلات ليست وليدة
اليوم ، فلقد سبق مثلا لجريدة الاتحاد الاشتراكي سنة 1987 أن نشرت في ركن
" صريح  " مقالا مقتضبا تشيد فيه  بحكم سبق لكاتب هذه السطور  أن أصدره ،
لما كان قاضيا اجتماعيا بالمحكمة الابتدائية بالدار البيضاء بتاريخ
6/1/1983بخصوص ضرورة حماية الحريات النقابية طبقا للقانون و إقرار
مشــروعـــية الإضراب التضامني طبقا للفصل 14 من الدستور القديم  وكان
عنوان المقال " حكم ليس ككل الأحكام " ، كما أن نفس الجريدة نشرت يوم
16/10/1992(الذي صادف انطلاق الحملة الانتخابية  لانتخاب أعضاء المجالس
الجماعية )حكما كنت قد أصدرته بخصوص إبطال تسجيل جماعي غير قانوني
للناخبين بإحدى دوائر عمالة إبن مسيك سيدي عثمان وهو ما كانت تسميه أحزاب
الكتلة الديمقراطية آنذاك ب "عملية الإنزال " الانتخابي أي إغراق بعض
الدوائر الانتخابية بالناخبين المساندين للأحزاب الموالية للحكومة بغية
تقليل حظوظ الأحزاب المعارضة لها في الفوز بهذه الانتخابات الجماعية  ،
كما أن جريدة مصطفى العلوي " الأسبوع الصحفي والسياسي " كانت قد نشرت في
أواخر سنة 1992مقالا حول ((خبايا الأمور في  ما يجري ويدور  )) بشان حكم
كنت قد أصدرته كقاضي انتخابي  ورفضت فيه الطعن الذي تقدم به مرشح الاتحاد
الدستوري السيد قويـــدر ضد مرشح حزب الاستقلال الدكتور لمـــهـــادي
لمنصب رئيس بلدية  سيدي عثمان وكان قد فاز به هذا الأخير فعلا ، الخ …  و
كان نشر هذه الأحكام الابتدائية  يتم في صحف حزبية أو مستقلة كانت خير
مدافع ومساند للأحكام القضائية الجيدة والجريئة آنذاك ، وفي وقت وزمان لم
يكن فيه لا دستور 2011 ،ولا سلطة قضائية بالمفهوم الدستوري الجديد ، ولا
نادي ولا ودادي ، (بل الجمعية الوحيدة التي كانت موجودة وهي الرابطة أريد
لها أن تدخل في سبات عميق ) ، كما لم تكن هناك جمعيات حقوقية مستقلة
كجمعية عدالة وحقوق التي أطلقت مشروعها حول نشر الأحكام المعيبة إلى جانب
بعض الأحكام الايجابية أو التي  فيها نوع من الاجتهاد .

ولعل أهم ميزة في نشر الأحكام أنه يمكن جمهور القراء والمتقاضين من
الاطلاع على ما تصدره وتنتجه المحاكم من أحكام سواء كانت جيدة أو أقل
جودة وحتى لا تظل المعلومة القضائية محتكرة من طرف فئة قليلة من
المحظوظين والممارسين الشيء الذي يجعل المواطن واعيا بحقوقه أكثر فأكثر
ويخرج بالتالي من الأمية القانونية ، ناهيك عن مد الباحثين والدارسين في
مجال الحقوق بوثائق قضائية تساعدهم على إنجاز بحوثهم  ، وشرط الجودة في
الحكم ليس ضروريا لنشره لأنه من أخطائنا نتعلم ، والقاضي لما يستشعر انه
مراقب من طرف المجتمع في أحكامه فانه لا محالة سيبذل جهدا لاجتناب ارتكاب
الأخطاء المهنية الجسيمة على الأقل ، و إن كان القاضي قد لا يخطأ لوحده
أحيانا  ، بل إن  احد مساعدي القضاء يكون قد استدرجه لذالك ، ولكن القاضي
يظل هو المسؤول الأول والأخير عن أحكامه بمجرد التوقيع عليها ، وبعبارة
أخرى أخطاء الآخرين لا تبرر ما في الأحكام من عيوب يمكن نقدها و الكشف
عنها أمام الملأ و الجمهور والقراء بالتعليق عليها تعليقا علميا و هادئا
وموضوعيا وأكاديميا مما يضع على المحك كفاءة وتكوين وتخصص المعلق وسيرته
الذاتية حتى لا يكون التعليق على الأحكام القضائية في متناول كل من هب
ودب  ، أحد القضاة على الفيسبوك قال بخصوص هذا المشروع :((... من تكون
أنت  حــتــى تعلق على أحكامي ...))  ومعه حـــق مبدئيا  ،  حتى لا يكون
نشر الأحكام وسيلة للانتقام وجلد القضاة من غير حجة مقنعة  ، وربما لهذا
السبب نصح السيد وزير العدل والحريات أعضاء الجمعية الذين زاروه من باب
الإخبار بهذا المشروع قائلا لهم بعد الترحيب بهم -  طبعا - وبالفكرة
((... تبارك الله عليكم ... لكن خذوا احتياطاتكم و امنحوا الفرصة أيضا
للقاضي المعني من اجل الإدلاء بموقفه والاستماع إلى رأيه...  )) ، ولكن
يفهم من هذه النصيحة أيضا – مع الأسف -  أن مشروعا مهما كهذا المشروع
الذي يعني جودة الأحكام وجودة القضاء اتخذت منه الوزارة موقفا غريبا و
محايدا إن لم يكن سلبيا وكأنه يخص جزر الهونولولو أو البهاماس أو جزر
القمر  ، وليس مهنة القضاة وسمعة القضاء بالمغرب  ، في الوقت الذي كان
فيه على الوزارة الوصية  أن تأخذ المبادرة وتضع استراتيجية لمحاربة
الرداءة والركاكة في الأحكام والقرارات القضائية  بتنسيق مع المعهد
العالي للقضاء ، وتعطي للجمعية  "حقوق وعدالة " التي زارت الوزارة بمقرها
بقصر المامونية  الخطوط العريضة للنهوض بمستوى الأحكام وجودتها مع بيان
التدابير الواجب اتخاذها في حالة مخالفة البعض لهذه الاستراتيجية من غير
سبب معقول ، لأن الوزارة أولى من المجتمع المدني في إصلاح القضاء وفي
التصدي للرداءة في أحكامه ،  وهو المشروع الذي تحملت بشجاعة الجمعية
المذكورة وزره ، و إن انطوت فكرة نشر الأحكام على جانب خلافي نعرض له في
الفقرة الموالية .
 
II-
الجانب الخلافي في فكرة نشر الأحكام:
 

أعطى ممثلو جمعية" حقوق وعدالة "أمثلة على بعض الأحكام الواجب نشرها
ومنها على سبيل المثال :

1-
الأحكام التي تحرر باليد وليس بالحاسوب او الآلة الكاتبة  :  ولكن لا
يد للقاضي فيما تخطه أو تكتبه يده بخط رديء غـــيــــر مقروء إذا لم يكن
يحسن الطبع على الحاسوب أو لعدم توفر المحكمة على التجهيزات الضرورية
للطبع واعتقد أن الذي يجب أن يحاسب أو يسأل على هذا التخلف في طبع
الأحكام هو القانون المالي ووزارة العدل والمسؤول القضائي للمحكمة
والمدير الفرعي للوزارة بمحكمة الاستئناف وليس القاضي .

2 -
الأحكام التي تكون   " معيبة  " بسبب تعاطي الرشوة أو نتيجة تدخل أو
استغلال للنفوذ :  لكن إذا كانت للجمعية أو لأي كان أدلة قوية على تورط
القاضي مصدر الحكم " المعيب " في قضية فساد فسنكون من الشاكرين لهذه
الجمعية أو غيرها إن هي تقدمت بشكوى ضد القاضي المتورط أمام القضاء
المختص أو على الأقل المفتشية العامة للقضاء ، لأن محاربة الفساد
المستشري في المجتمع لا تكون بنشر الأحكام المعيبة فقط .

3 -
تم تقديم حكم قضى بأداء النفقة لفائدة الأم الحاضنة لطفلها في حدود
100.00درهم فقط كل شهر مع أن مدخول الأب المطلق يقدر بالملايين كل شهر :
لكن إذا لم يكن للأب دخل قار ثابت بحجج رسمية فإن هذا الأخير قد يفبرك
حججا ليقدم نفسه على انه إنسان فقير ، أما الزوجة فقد تحصل بوسائلها
الخاصة على وثائق تثبت انه من أصحاب الملايــــيـــر وليس الملايين فقط
... ، وهنا مربط الفرس إذ يحتار القاضي عند  تقدير  النفقة ، هل سيحكم
ب100درهم في الشهر أم ب 1000درهم في الشهر كنفقة ؟ ثم إنه هناك الأخطاء
المطبعية ، فقد يكتب القاضي  رقم 1000درهم في منطوق الحكم ولكن أحد
الأصفار قد يسقط عند الطبع ، فيصبح الحكم معيبا بغير إرادة القاضي الذي
أصدره ، وفي جميع الأحوال  هناك طرق الطعن القانونية ، وهذا ما يؤدي بنا
إلى  طرح التساؤل لمعرفة خصائص الحكم المعيب أو العديم الجودة القضائية.
خصائص الحكم المعيب :
 

حدد المشرع الشروط القانونية التي يجب توافرها في الحكم المدني (الفصل50
من قانون المسطرة المدنية  ) وفي الحكم الجنائي (المادة 365من  قانون
المسطرة الجنائية ) ويمكن تلخيصها في: 1- الديباجة، 2- والوقائع

،3-واحترام حقوق الدفاع ،

4-ومناقشة وسائل الإثبات للطرفين ،

  ومناقشة  5 ـ
حججهما القانونية

6- والتعليل 


7-والمنطوق أخيرا ، وكل حكم لا يحترم

هذه المعايير السبع قد يكون معيبا و مضرا بأحد الأطراف ومن تم  مدعاة
للتعليق عليه وللمناقشة القانونية ولمساءلة صاحبه ، وربما أشياء أخرى
بحسب جسامة الخطأ المهني المرتكب ، وإن كنت أفضل ألا يقع تسرع في "
الــحـكــم " على الحكم قبل أن تستنفذ بشأنه طرق الطعن القانونية العادية
او غير العادية  من استئناف ونقض أساسا ، فليس من المعقول في شيء ان يدعي
المرء أو المتقاضـــي  وجود عيب في حكم ابتدائي ما ويمتنع في نفس الوقت
من الطعن في بإحدى طرق الطعن : الاستئناف أو النقض ، إنها  قمة التناقض
في الموقف والسلوك ،  و إذا حدث أن الحكم الابتدائي المعيب تم تأيــيــده
استئنافيا ونقضا فالتعليق إن كان له محل يجب أن ينصب على قرار النقض لا
على الحكم الابتدائي المزعوم عيبه ، وفي جميع الأحوال لابد من أن يكون
المعلق على الحكم من ذوي الاختصاص ومؤهلا لذالك  ، وإلا  فان من ينشر
حكما لأسباب ذاتية وانتقامية بحتة ومن اجل التشفي وتشويه السمعة قد يسأل
عن فعله غير المشروع هذا ولو بأداء درهم رمزي لفائدة القاضي المتضرر  بعد
الاستماع إلى رأي خبراء قانونيين وقضائيين محايدين ، وفي ختام هذه الفقرة
لابد من الإشارة إلى  أن الدستور الجديد نص على  مسؤولية الدولة عن أخطاء
القضاء ((الفصل122 : يحق لكل من تضرر من خطأ قضائي الحصول على تعويض
تتحمله الدولة))، ولما يرى الخازن العام للمملكة الأحكام القاضية
بمسؤولية الدولة عن أخطاء مرفق القضاء تتهاطل كالمطر على مكتبه ،  سيكون
هو أول من يطالب بإصلاح حقيقي القضاء وبتحسين جودة الأحكام القضائية و
خدمات المرفق القضائي  ، وقبل أن ينادي بذالك وزير العدل والحريات صباح
مساء  ...
 
III    -
فكرة نشر الأحكام  تتجاهل "الصنعة القضائية " في إصدار الأحكام

ولا تشرك القضاة في العملية وتعالج آثار الإشكالية لا أسبابها :
 

يقول المثل الصيني ما معناه : (( لا تتصدق على المحتاج بسمكة كل يوم ، بل
علمــه الصيد ، و أعطيه صنارة )) ، ولو طبقنا بشكل أو بآخر هذا المثل على
الموضوع الذي نحن بصدد مناقشته لقلنا بأنه قبل نشر الأحكام وفضح عيوب
أصحابها يجب التساؤل أولا هل القاضي المعني بالنشر يتوفر فعلا على الصنعة
القضائية ومنهجية تحرير الأحكام ، وهل يتوفر المعهد العالي للقضاء منذ
تأسيسه سنة 2002 في  برنامج التدريس على مادة رئيسية تتعلق بتحرير
الأحكام ، وعلى مادة التعليق الأحكام ، ونقد الاجتهاد القضائي ، أم لا ؟
كان الأستاذ بـــول دوكـــرو يدرس مواد العقار والشركات والدولي الخاص
بكلية الحقوق بالرباط يقول : ((قبل أن تكون قانونيا جيدا ، عليك أن تكون
أدبــيــا جيدا )) ، ولهذا فالأحكام المعيبة مسؤول عنها بالدرجة الأولى :
التعليم بنوعيه الثانوي (1) ، والجامعي (2)، ثم المعهد القضائي(3)
والتدريب بالمحاكم (4)، ثم التحاق القاضي الشاب  بهذه المحاكم خلال 5
السنوات الأولى من ترسيمه ولا يجد من يؤطره او يقدم له يد المساعدة
(5)،وكذالك ضعف أو انعدام التكوين المستمر (6)،  وأخيرا يكون القاضي
مسؤولا بصفة شخصية إذا توافرت له كل هذه الأشياء والوسائل ومع ذالك تقاعس
أو تكاسل ولم يبذل مجهودا لتطوير قدراته الذاتية ، لأنه كقاضي ملزم
بدراسة ملفاته جيدا وتحرير أحكامه وفق أصول صياغتها وطبقا للقانون ،
ويتحمل تبعا لذالك بصفة رئيسية وشخصية مسؤولية تهاونه (7)، لكن إذا لم
تتوافر لديه هذه كل الوسائل مجتمعة  فإن نسبة مسؤوليته لا تتجاوز نسبة
%20الى 25% لا غير ، أما باقي المسؤولية فان الأطراف الأخرى هي التي
تتحملها  حسب تصورنا  ، ولهذا نرى انه من حق الجمعية أن تنشر الأحكام
المعيبة بتمويل هولانــدي فهذا شيء جميل ، ولكن الأجمل أن تدخل هذه
الجمعية في شراكة مع الوزارة والمعهد القضائي بخصوص تلقين القضاة قواعد
تحرير الأحكام وفن أو تقنيات صياغتها وكيفية التعليق على الأحكام ونقدها
وتجعل رهن إشارة إدارة المعهد طاقما من الخبراء وطنيين وأجانب متخصصين في
تحرير الأحكام يعملون في إطار برنامج زمني متفق عليه ، فحتى عهد قريب لم
يكن المعهد يتوفر على مادة للتدريب على تحرير الأحكام وربما لا توجد ...؟
ينبغي التأكد من ذالك ،...  ولكن الشيء المؤكد هو انه هناك بالمعهد أكثر
من 30 طريقة لتحرير الأحكام ، بحيث ان كل أستاذ بالمعهد يعطي للقضاة
المتدربين تصوره وطريقته الخاصة في تحرير الأحكام وقد يختلف زيد عن عمرو
في هذا المجال ، فهذا هو الجانب الذي يجب أن تعطى له الأهمية القصوى أما
نشر الأحكام  المعيبة فقد تكون له أهمية نسبية أو جد محدودة لأنه هناك من
لا يقرأ  لقلة الوقت ، وهناك من لا يعترف بما يكتب أو  ينشر، وهناك من
سيرى في النشر محاولة للتأثير على استقلاله  او التشويش عليه ، ولهذا
سيكون من المفيد إشراك القضاة مباشرة في هذه العملية بالتحاور معهم
والتواصل معهم حول كيفية تحرير الأحكام والتعليق عليها ، ويجب تبليغهم
رسالة مفادها أن هذا المشروع ليس ضدهم وليس الهدف منه التشهير بهم ،و
بأنه يمكنهم التعليق بأنفسهم على أحكام زملائهم ... يجب كسب ثقة القضاة
حتى لا ينظر كل طرف للآخر على انه خصم يجب الحذر منه أو معاقبته بنشر
أحكامه ، وحتى لا يعتقد القضاة خطأ أن الهدف من المشروع هو تعليق بعض
زملائهم على " مــشــجــب الأحكام المــعيــبــة " ، بينما الهدف الحقيقي
من المشروع يبدو انه نبيل ويرمي إلى تأسيس ((تــرانسبارنسي قضائية )) ،
أي الشفافية والحكامة الجيدة في الأحكام و أداء المحاكم ، وإن كنت أتساءل
هل دول الاتحاد الأوربي  تقوم بنفس الممارسة أي التركيز على نشر الأحكام
المعيبة، وإن كان هذا أمر مستبعد نظرا لما يتلقاه القضاة المتدربون من
تكوين جيد و متين قبل التحاقهم بالسلك القضائي ناهيك عن المستوى الراقي
لجامعتهم وكليات الحقوق لديهم وهو ما يجعل إصدارهم لأحكام معيبة احتمالا
ضعيفا وإن  كان واردا.

وفي الختام  نشكر "جمعية عدالة وحقوق  " وسفارة هولاندا على اهتمامهما
بقضاتنا  وطريقة أحكامهم  و الشأن القضائي عموما ، كما جاء في الخطوط
العريضة للمشروع ، هذا المشروع الذي يجب أن يكون قابلا للحياة ومستمرا في
 الزمان وهو ما يحتاج إلى : مقر ولو بسيط ، و إلى   طاقم – ولو صغير – من
الموظفين ، والخبراء  ، ونشرة دورية تصدر 3 أو 4 مرات في السنة وبشكل
منتظم ، وبثمن رمزي او على الأقل بثمن التكلفة وهو ما يطرح إشكالية
التمويل والميزانية التي توفرها حاليا سفارة هولاندا بالرباط والتي تمثل
الدولة المانحة ، ولكن هذه الدولة لا يمكن أن تظل مانحة ومحسنة إلى أبد
الدهر، وفي اعتقادي يتعين في الأمد البعيد أن تساهم أطراف أخرى في
المشروع ولو بكتابة تعليق أو تعليقين في السنة أو بالتنقيب عن مجموعة من
الأحكام الواجب التعليق عليها ، لأنه " بالتعليق على أحكام القضاء  ،
نساهم جميعا في إصلاح القضاء " .

وبهذه المناسبة  نتساءل مرة أخرى عن دور الوزارة الوصية في  تحسين أداء
القضاة و والإرتقاء بمستوى تحرير الأحكام ودراسة الملفات ، وهل ميثاق
الإصلاح القضائي تطرق إلى كل جزئيات الرفع من جودة  الأحكام ، ولا أظن أن
الإصلاح تطرق إلى كل هذه الجزئيات رغم أهميتها بدليل أن السيد الوزير لما
استقبل الجمعية المذكورة لتعرض عليه مشروعها حول نشر الأحكام رحب بالفكرة
نظرا لحساسيتها وراهنيتها ، علما أن الاتحاد الأوربي على لسان سفيره
السابق والحالي بالرباط ما فتئ يطالب بتسريع وثيرة الإصلاح القضائي والذي
من المفروض  أن تحتل فيه فقرة نجاعة القضاء وجودة الأحكام القضائية مكانة
بارزة ، فهل من يستجيب ؟وقد مرت سنتان على إعلان مشروع إصلاح القضاء أو
منظومة العدالة يوم 26/2/2012، بحضور كل المسؤولين القضائيين للملكة
بالمعهد القضائي  ، وان كنا نقر بوجود الصعوبات التقنية وغيرها ... التي
تعترض تحقيق الإصلاح القضائي المطلوب والذي تمد له الآن جمعية حقوقية
كجمعية " حقوق وعدالة "  يد المساعدة ولا يرفضها من يمسك بيده الميثاق
الوطني لإصلاح منظومة العدالــــــة




الاربعاء 12 مارس 2014

تعليق جديد
Twitter