MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



الملف الشهري: آفاق تنزيل الديمقراطية التشاركية في المغرب

     

أحمد السكسيوي
باحث في العلوم القانونية
ومهتم بالبحث في القانون الإداري



الملف الشهري: آفاق تنزيل  الديمقراطية التشاركية في المغرب

 
ننطلق من المقدمات التالية:

1) الدولة حسب جورج بوردو " أداة لتدبير مصيرنا الزمني".
2) هذا التدبير يتم من خلال مؤسسات تمارس جزء من السلطة العامة، إما: لخدمة المواطن أو لضبطه.
3) دفاعا عن الحرية والحق، الذين يلازمان الإنسان منذ فطرته الأولى، فإنه لا يمكن ممارسة هذه السلطة من خلال الديمقراطية الانتخابية لوحدها، والمرتكزة بالأساس لنظام التمثلية، بل نحتاج لسلطة أكثر قربا من المواطن، باعتباره الجزء الأهم في البناء القانوني والمؤسساتي لدولة، ولا نجد إلا المجتمع المدني كسلطة خامسة تسهر على خدمة المواطن.

من خلال المقدمات الثلاث نتساءل عن، مدى تنزيل المقتضى الدستوري المتعلق بمشاركة المواطن في تدبير الشأن العام؟
  إن بناء دولة الحق بالقانون، لا يتأتى إلا إذا تم تنزيل الديمقراطية التنزيل الصحيح والسليم، هذا المفهوم يحاول أن يضع قطيعة مع الاستبداد الذي يعيشه الإنسان منذ القدم، وقد استرجع هذا المفهوم بذلك السيادة للشعب- الأمة، بعدما احتكرتها السلطة الحاكمة، ومع مرور الوقت سار البحث في الديمقراطية أمر ضروري، لما يثيره من إشكالات على مستوى معايير التمييز بين الحكومة الديمقراطية والحكومة الديكتاتورية- الاستبدادية[1].

تمارس السيادة الشعبية من خلال طريقتين:

  • الطريقة الأولى: نظام التمثيلية.
  • الطريقة الثانية: النظام التشاركي، الديمقراطية التشاركية,
 
إن الديمقراطية التشاركية لأمر لا محيد عنه، لكن هذا لا يعني، أنه يتم إلغاء الاقتراع التمثيلي الذي يعتبر الأصل في البناء الدستوري، لأي دولة في العالم تريد نهج سياسة ديمقراطية.

وقد توجه المشرع الدستوري في المغرب، إلى إرساء التوجه التشاركي من خلال الطرق التالية:

  • إشراك المجتمع أمر لازم وضروري، من خلال تدبير المواطنين لشأن العام بالمغرب، بحيث يقوم النظام الدستوري للمملكة على أساس فصل السلط، وتوازنها وتعاونها، والديمقراطية المواطنة والتشاركية،
  • هذا الإشراك يتم من خلال أليتين مهمتين هما:
 
تقديم الملتمسات في مجال التشريع ( الفصل 14 ) جاء فيه: " للمواطنات والمواطنين، ضمن شروط وكيفيات يحددها قانون تنظيمي، الحق في تقديم ملتمسات في مجال التشريع."

تقديم عرائض ) الفصل 15 ) جاء فيه: " للمواطنات والمواطنين الحق في تقديم عرائض إلى السلطات العمومية.
ويحدد قانون تنظيمي شروط وكيفيات ممارسة هذا الحق."
 
إن ما وصل إليه الدستور المغربي لأمر جميل لم يسبق أن نصت عليه جل الدساتير المتعاقبة على المغربي، وفي رأينا أن الدستور المغربي الجديد رغم بعض الخلافات الفقهية حول طريقة وضعه، يعتبر دستورا مغايرا لباقي الدساتير السابقة للمملكة المغربية، ولنقل أنه الدستور الثاني، إلى جانب دستور 1962 وما لحقه من تعديلات إلى غاية تعديل 1996، ويرجع الأمر إلى كم المفاهيم التي أتى بها على مستوى الحقوق والحريات، وكذلك على مستوى إصلاح السلط الثلاث، سواء التنفيذية و التشريعية ثم القضائية.

  هذا التغيير يتجلى بالأساس في الديمقراطية التشاركية، لكن يعيق تنفيذ هذه المقتضى الدستوري، الأمور التالية:

- الدولة المركزية: فإن المركزية لتعزز الدولة الأحادية والتي يسقط القرار من الفوق ولا يعبر عن الشعب-الأمة، وبذلك لا يترك المجال للمجتمع المدني.

- توطيد السلطة التقديرية والسلطة المحلية: حيث يمكن ممارسة الديمقراطية في ظل تدبير الشأن المحلي المتناقض، والذي يعيش عصر إزدواجية بين السلطة المحلية والسلطة اللامركزية، المنتخبة، وبذلك فإن تحرك المجتمع بالإساس يساير التحرك نحو تحرير السلطة اللامركزية من قبضة رجال السلطة المحلية.

- إن الممارسات التي توطد للسلطة المجتمعية والمعبر عنها بالأساس في تأسيس الجمعيات، خاضعة بالأساس، إلى السلطة المحلية، وكما أن الحرية هي الأصل فإن الدولة تمارس القيد والتقييد على التأسيسها عن طريق التصريح.

- عدم التفكير في التنزيل الدستوري، لمضامينه من خلال سن القوانين التنظيمية، المكملة للدستور.
 
ولزيادة من تقوية هاته الؤسسة المهمة في السير نحو الديمقراطية يجب المراعات للنقط التالية:
- الاستفتاء العام: يضمن الاستفتاء العام أن يقوم الشعب بتجاوز “حكم الحزب” بحيث يتمكن الشعب عند تحقيق شروط معينة، كأن ترفع عريضة موقعة بعدد معين من التواقيع.

- المجالس المحلية والمجالس المجتمعية: وهي نوع من البرلمانات المحلية تتشكل من رئيس البلدية وأعضاء المجلس البلدي ورؤساء مجالس المناطق وممثلي مجموعات الاحياء وممثلي منظمات المجتمع المدني الأخرى في المنطقة والتي تمثل القطاعات المختلفة كالاندية الشبابية وجمعيات المراة وممثلي قطاعات الصحة والتعليم والمواصلات وكبار السن والاعمال والمعوقين وغيرهم من الجسام التمثيلية في المنطقة.

- التدقيق المالي الاجتماعي: يحق لأي مواطن أو مجموعة مواطنين، أن يطلب تدقيق حسابات أي مؤسسة عامة.

- جمعيات المواطن: أي أن كل قاطني حي معين لا بد لهم أن ينتسبوا وينتظموا في جمعيات المواطن لذلك الحي. ومن الملاحظ هنا أنه ومن خلال هذا الشكل التنظيمي يصبح كل مواطن في الدولة جزء في العمل في قيادتها.  

- اشراك المجتمع المدني في الحكومة: يمكن لمنظمات المجتمع المدني في الدولة بالمشاركة في عمل الحكومة بحسب الاختصاص.
- التعاونيات: تشكل التعاونيات ضمان إضافي للمواطن للتمكن من تجاوز وضعه الاقتصادي والتأكد من ضمان حياة مناسبة لمنتسبيها.
 



[1]  تشارلز تللي، الديمقراطية، ترجمة محمد فاضل طباخ، المنظمة العربية لترجمة، بيروت، الطبعة الأولى،      ص: 12 ومايلي




الثلاثاء 24 يونيو 2014

تعليق جديد
Twitter