MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



المـُـــــــورَاتْــوَار... طرِيق لِقَــتل الإعْــدَام بقلم النقيب عبد الرحيم الجامعي

     



المـُـــــــورَاتْــوَار... طرِيق لِقَــتل الإعْــدَام بقلم النقيب عبد الرحيم الجامعي
 
 
 
 
للمَرة الخامسة منذ  ثَمان سنوات خَلت، سيُعرض قرار وقف تنفيذ عقوبة الإعدام على الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل التصويت عليه، وهو القرار الذي اقترحته عدد من الدول سَعيا لمناهضة تلك العقوبة وبسبب تزايد تنفيذها من قبل عدد من الدول وفي مُقدمتها الصين والولايات المتحدة الامريكية والعراق وايران وغيرها، وهو الموراتوار الذي تتزايد الأصوات المؤيدة له والتي ارتفعت إلى أكثر من مائة وعشر دولة خلال شهر نونبر الماضي أثناء عرض لقرار على اللجنة الثالثة.

 وكلما اقترب الموعد الأمَمِي بالجمعية العامة للتصويت على قرار وقف تنفيذ عقوبة الإعدام إلا وتهيأت الحكومة المغربية  لاستقبال الرسُوب في الامتحان الدبلوماسي والسياسي أمام العالم، وهَوت القهقرى في سُلمِ المِصداقية في مجال حقوق الانسان واحترام الحق في الحياة، وذلك لكونها تتخذ قرارا سلبيا وتمتنع عن التصويت وتسد آذانها لنداءات المجتمع المغربي لتتقمص بذلك صورة النعامة.
إن امتناعها عن التصويت لأربع دورات بالجمعية العامة للأمم المتحدة موقف غير مُشرف لها، ومَعناه أن الحكومة المغربية لا رأي لها ولا مَوقف واضح لها في ملف الإعدام لا تمتلك الشجاعة السياسية لتدافع عنه أمام المجتمع الدولي سواء الموافقة الصريحة او المعارضة الصريحة للموراتوار. 
 
وأمام هذا التردد الذي يرفضه كل عقل او منطق، خصوصا عندما نعلم أن آخر تنفيذ للإعدام بالمغرب يرجع لما قبل عشرين سنة، نتساءل بحق ماذا تنتظر الحكومة المغربية لكي لا تقوم بتنفيذ عقوبة الإعدام ضد المحكومين بها والمحكومات بها ؟ ومتى ستطلق رصاصات الموت عليهن وعليهم ؟
 
هذان السؤالان واردين سياسيا وحقوقيا، وعليها الجواب عنهما مادامت ترفض التصويت إيجابيا وبنعم على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المتعلق بايقاف تنفيذ عقوبة الاعدام عالميا،  وما دامت قد امتنعت عن التصويت اربع مرات وتختار الوقوف مع دول مَستنقع المناصِرين لعقوبة الاعدام والمُعارضين للحق في الحياة بكل الدلالات الفلسفية والفكرية والثقافية والعلمية.
 
وأمام هذا التردد المتوالي كذلك، يمكن نعت الحكومة المغربية ومن دون ان تشعر بأي حرج  او ان تحس بجُرح،  بأنها حكومة  الإعدام، لأن من يرفض الموراتوار مثل الحكومة المغربية لن يتردد في اراقة الدم بالتنفيذ متى شاء وضد اي محكوم به رجلا كان ام امرأة، مادام منظورها لعقوبة الاعدام  يختلط فيه ما هو ديني بما هو سياسي  وما هو شرعي  بما هو حقوقي وما هو روحي  بما  هو علمي وما هو خصوصي بما هو كوني.
 
أعتقد أن الحكومة  التي تصر الإبقاء على عقوبة الاعدام ولأتفه الأسباب، لن تستطيع ان تبرر موقفها لا بالقانون ولا بالأخلاق ولا حتى بالشريعة - ولو ان الشريعة ليست مصدرا من مصادر القانون الجنائي المغربي ولا قانون القضاء عسكري -  ومن حقنا أن نسلئلها لماذا تدافع و تتشبث بعقوبة  بالإعدام وهي عقوبة وحشية وقاسية وخطيرة ، وتعارض إلغاءها بمبررات من الشريعة، من دون ان تتشبت بنفس القوة بنفس المنطق  بالعقوبات الاخرى التي ورد النص عليها بالقرآن؟ فهل عندها قتل الانسان بالسيف او بالسم او بالرصاص باسم محكمة وبقناعة قضاة وبأمر من وزير،  أَقـل وَقعا وأخَف ألما من قطع يد أو رَجم رجل او جَلد امرأة ؟ 
 
وحتى ما يسمى عند الحكومة و عند بعض مَناصري عقوبة  الاعدام  بالحَل الثالث والذي يَميل للإبقاء على الاعدام مع تقليص حالاته، هو في الحقيقة تَمويه  سِياسوي مَضى عليه الزمن، لان هذا الحل  ليس بِحل  جديد ولا بابتكار خلاق من دُعـاته اليوم، بل إنه من جُملة الدعَوات التي طرحت من قِبـل المتمسكِين بالإعدام  منذ القرن التاسع عشر،  عندما كان الصراع مُؤججا  في أوروبا بين دعاة الالغاء وبين مناصري الإعدام، وهو الصراع كما يعرف الجميع انتهى بانتصار الفكر المتنور والثقافة الانسانية التي قطعت مع عقوبة الاعدام نهائيا، وانتهى بعدها مُقترح الحل الثالث، لان الاعدام هو الاعدام سواء تعددت حالاته في القانون أو تقلصت، ولان ما ينطبق على الكثير منها ينطبق على القليل كذلك وبالتالي يبقى الإعدام إعداما لا يغيره العدد والحالات.  
 
 على الحكومة وهي تمارس السياسة أن تقوم بقراءات لبعض الوثائق و المشاهد واستخلاص دلالاتها، مثل المادة العشرين من الدستور و نداء الغاء الاعدام من قبل المجلس الوطني لحقوق الانسان وملاحظات المقرر المعني بالتعذيب ومقترحات المجلس الدولي لحقوق الانسان والتوصيات المقدمة للمغرب بمناسبة الاستعراض الدوري الشامل...، وعليها أن ترى أمامها بِبصَرها وببصِيرتها أن هناك مجتمع مدني وإعلامي وصحفي وحقوقي قوي، و أمامها ائتلافات وشبكات من المناهضين للإعدام، وأممها نساء ورجال بالبرلمان من مختلف الفرق السياسية باستثناء حزب رئاسة الحكومة، وأن هناك مقترح قانون بالإلغاء قدم من أحزاب من المعارضة، وأن تدرك من كل ذلك أنها اصبحت أقلية لا تمثل رأي المجتمع بكل فئاته عندما تصر على عقوبة الإعدام وعندما تمتنع عن التصويت على الموراتوار.
 
فَــيا حكومة المغرب، هَـــيْـتٓ لكِ وَقفي في الآتي من الايام القريبة بالجمعية لعامة للأمم المتحدة للتصويت بنعم وبإيجابية على قرار الموراتوار. الذي سيعرض على دول العالم للتصويت عليه، و تراجعي  عن موقف الامتناع عن التصويت بعد تجربة اربع دورات سلبية، وأنتِ مَدعوة ان  تَخرجي من عزلتك الداخلية و الإقليمية والدولية، وأنتِ مدعوة كذلك أن تتوقفي عن خلط الأوراق وخلط المواقف فيما يخص إلغاء عقوبة الاعدام والقبول بالموراتوار.          

هَــيْــثَ لكِ كذلك للاقتناع أن فِي إلغاء عقوبة الإعدام وفي وَقف تنفيذه بالتصويت على المُوراتوَار اعتراف بقيمة الإنسان، واعتراف بالتضحيات التي اسداها للبشرية فلاسفة ومفكرين ورجال ونساء قانون وحقوق واعلام وسينما قبل قرن من الآن، ومن ثقافات مختلفة ومن مناطق قريبة وبعيدة من العالم.

 أن لون الإعدام أحمر، ويبقى أحمر لا يتغير بتغير وسيلة القتل، مثلما يبقى القتل إعداما حتى لو تم باسم الدين.


الرباط: 18 دجنبر 2014
 



الاحد 21 ديسمبر 2014


1.أرسلت من قبل محمد قطاية في 11/01/2015 21:27
نقيبي المحترم، بعد المطالعة لمقالكم القيم أتقدم بهذا التعقيب البسيط في فقرتين:
- الحكومة الحالية لم تقرر الابقاء على عقوبة الإعدام بمصوغات دينية لأن الجميع يعرف أنه منذ أحداث 16 ماي الدموية فك حزب العدالة والتنمية ارتباطه بالشريعة الاسلامية كمصدر من مصادر التشريع في بنية الدولة الحديثة، كما أنه للأمانة التاريخية فإن المغرب سبق له أن رفض التصويت على إلغاء عقوبة الإعدام في عهد المحترم الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي بما يفيد أن رفض التصويت هو اختيار مخزني وليس متروكا أمر البت فيه لأي فصيل حزبي يؤمن بالعمل من داخل المؤسسات المخزنية القائمة.
- عندما طالعت الفقرة الأخيرة التي أنهيتم بها مقالكم لم أتبين الحكمة من إدراج العبارة التالية: "مثلما يبقى القتل إعداما حتى لو تم باسم الدين"، فلا عاقل هنا يمكن أن يقول أن أحكام الاعدام التي تصدر في العالم إنما هي من أحكام الدين بل إن جميع الأحكام الصادرة في الدول التي تتبنى تنفيذ عقوبة الإعدام لا علاقة لها بالدين باستثناء إيران والسعودية وهاتين الدولتين من الجيد الانتباه أنهما تعاقبان على الإعدام في جرائم المخدرات بما يفيد أن الدافع إلى تطبيق عقوبة الإعدام على جرائم المخدرات ليس له أصل من الدين، لأجله أرجو عدم إقحام الدين في مناقشات هو أصلا مقصي عنه فمن باب أولى عدم تحميله أوزارا لم يقترفها رغم أنه من الأصول الخمس للدين هنا أصل حفظ النفس .

تعليق جديد
Twitter