MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



القضاء الإداري: رسالة القاضي و إن كانت تختلف عن رسالة الفاعل السياسي فإن هذا الأمر لا يتعارض إطلاقا مع ضرورة إدلاء القاضي بوجه عام و القاضي الإداري على الخصوص، برأيه في مسألة نزاعية ذات بعد سياسي موجودة في صلب نزاع معروض عليه داخل المحكمة

     

المملكة المغربية
المحكمة الإدارية بالرباط
قسم الإلغاء
نسخة الحكم محفوظة بكتابة الضبط بالمحكمة الإدارية بالرباط
حكم رقم 2467
بتاريخ 16/5/2014
ملف رقم 189/7110/2014




بإسم جلالة الملك و طبقا للقانون

بتاريخ 16 ماي 2014 أصدرت المحكمة الإدارية بالرباط

و هي متكونة من السادة:
مصطفى السيمو رئيسا
حسن اليحياوي مقررا
عبد الحق أخو الزين عضوا
بحضور السيدة جميلة مكريم مفوضا ملكيا
بمساعدة  السيد سعيد الرامي  كاتب الضبط

الحكم الآتي نصه:

الوقائع

  بناء على مقال الطعن الذي تقدم به الطاعنان بواسطة نائبهما بتاريخ 11 أبريل 2014، يعرضان فيه أنه إثر الخلاف المثار بمجلس المستشارين بخصوص ما يعرف بالإحاطة علما والذي اعتبرته الحكومة مخلا بمبدأ توازن السلط خاصة أن جلسات الأسئلة الشفوية تنقل مباشرة عبر وسائل الإعلام السمعية والبصرية ،مما ارتأت معه مراسلة .... من أجل إيقاف بث الفقرات المتعلقة بموضوع الإحاطة علما وهو ما تم فعلا اعتبارا من يوم الثلاثاء 7 يناير 2014 ،وقد ارتأى ...،أن يتصدى تلقائيا لما اعتبره تغييرا لحق توقيت ومدة نقل جلسة الأسئلة الأسبوعية لمجلس المستشارين، قبل أن يتلقى شكاية في نفس السياق من طرف ا... بتاريخ 31 يناير 2014 ، وعلى إثر ذلك صدر القرار المطعون فيه تحت رقم 14/04 بتاريخ 29 جمادى الأولى 1435 الموافق ل 31 مارس 2014 والذي تضمن أمرا ... بالإلتزام ،عند نقل جلسات الأسئلة الأسبوعية لمجلس المستشارين بالإجراءات بما في ذلك التوقيت والمدة المتفق عليها ،طبقا للمواد 25 و46 و127 من دفتر تحملات ...مع تبليغه إلى هذه الأخيرة وإلى ...،وبنشره في الجريدة الرسمية ،و أوضح الطاعنان أن هذه المحكمة تعتبر مختصة للنظر في الطعن طبقا للمادة 70 من قانون رقم 77.03 المتعلق بالاتصال السمعي البصري و أن القرار تجاوز فيه مصدره مجال اختصاصه وصلاحياته كما هي محددة بموجب المادة 3 من القانون سالف الذكر،والتي لا تتضمن بأي حال صلاحية المجلس الأعلى للاتصال السمعي والبصري للانتصاب كهيئة تحكيمية لفض نزاعات بين الأطراف، بالإضافة إلى إخلاله بحقوق الدفاع وخاصة حرمان الحكومة كطرف رئيسي في الخلاف من إبداء وسائل دفاعها و دفوعها ،كما أن القرار تصدى للخلاف بناء على شكاية تقدم بها الأمين العام ل... الذي لا صفة له في ذلك، و أن المؤهل لرفع الشكاية هو رئيس مجلس المستشارين أو أحد رؤساء الفرق النيابية ،ثم إن القرار قد تجاوز معطيات دستورية ثابتة بقرارات قارة وقطعية للمجلس الدستوري لأن الصيغة المعتمدة في النظام الداخلي لمجلس المستشارين هي نفسها التي كانت بالنظام الداخلي لمجلس النواب و التي خضعت لرقابة المجلس الدستوري الذي اعتبرها مخلة بالمبادئ الدستورية خاصة منها مبدأ التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ،لأجل كل ذلك التمس الطاعنان قبول طعنهما شكلا و في الموضوع إلغاء  القرار الصادر عن ا... المشار إليه.

وبناء على مذكرة جواب ...بواسطة نائبه بتاريخ 29/4/2014 ،التي التمس فيها فحص مدى استيفاء مقال الطعن للشروط الشكلية المتطلبة،ومن حيث الموضوع  اعتبار أن ما أثاره الطاعنان من كون القرار المطعون فيه قد صدر في صيغة قرار تحكيمي وبشكل شبيه بالأحكام القضائية متجاوزا بذلك حدود اختصاصه يبقى عديم السند ما دام أن المادتين 3 و 4 من الظهير المحدث للهيئة العليا للاتصال السمعي والبصري قد حددتا بشكل واضح وصريح اختصاص المجلس للبت في الشكايات المتعلقة بخرق أجهزة الاتصال السمعي البصري للقوانين والأنظمة المطبقة على قطاع الاتصال السمعي البصري وكذا دوره واختصاصه في اتخاذ الإجراء القانوني المناسب تفعيلا للقوانين والأنظمة المطبقة على المخالفة المرتكبة و أن هذا الدور يتحدد  في البت في الشكايات المقدمة أمامه والناتجة مما لا شك فيه عن نزاع بين طرفين أو أكثر، وأما بخصوص ما أثاره الطاعنان من خرق حقوق الدفاع أوضح أن الهيئة العليا للاتصال السمعي والبصري ليست بجهة قضائية ولا تصدر أحكاما كما أن المواد المنظمة لها لا تلزمها باستدعاء الأطراف والاستماع لتصريحاتهم، و أن ما أثير بخصوص انعدام صفة ... للتقدم بشكاية أمام الهيئة هو قول مردود ما دام أن الفقرة الأولى من المادة الرابعة نصت بصريح العبارة على أنه يمكن أن يتلقى المجلس الأعلى للاتصال السمعي والبصري من المنظمات السياسية أو النقابية أو الجمعيات المعترف لها بصفة المنفعة العامة شكايات متعلقة بخرق أجهزة الاتصال السمعي البصري للقوانين أو الأنظمة المطبقة على القطاع  ،ولكون الأحزاب السياسية هي منظمات سياسية  ومن ثم تبقى صفة ... قائمة ، أما بخصوص ما تمسك به الطاعنان من تجاوز القرار لأحكام وقرارات دستورية فإنه بالرجوع للقرار المطعون فيه يتضح أن الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري أصدرت قرارها بخصوص المدة والتوقيت المتفق عليهما لبث الأسئلة الأسبوعية لمجلس المستشارين وهي النقاط موضوع النزاع وأن الأمر لا يتعلق بفحص مدى مشروعية ودستورية الإحاطة علما على اعتبار أنه موضوع سبق الحسم فيه وأن مجلس المستشارين يمارس اختصاصه وفق النظام الداخلي الذي اعتمده سنة 1997 والذي صادق عليه المجلس الدستوري بمقتضى قرار 77-97  وفقا للفصل 44 من دستور سنة 1996 هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن كان للسيد رئيس الحكومة الحق في مراقبة وسائل الإعلام من خلال دفتر التحملات واجتماعات المجالس الإدارية فلا يحق له التدخل في الخط التحريري لهذه الوسائل وصاحبة الاختصاص هي الهيئة العليا للاتصال السمعي والبصري ومن ثم فبدلا من رفع أمر ايقاف البت أمام الهيئة ارتأى أخذ المبادرة ومراسلة الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية من أجل ذلك وبالتالي فقد أصدر قرارا من صميم اختصاصات المجلس الأعلى للاتصال السمعي والبصري، و لأجل كل ذلك التمس رفض الطلب

و بناء على مذكرة جواب ...بواسطة نائبها بتاريخ 29/4/2014 التي التمست من خلالها إخراجها من الدعوى لكون القرار صدر عن م أ س ب.

و بناء على مذكرة جواب هذا الأخير بواسطة نائبه بتاريخ 9/5/2014، يعرض من خلالها أن القرار صادر في مواجهة ش و ذ ت و لها وحدها الحق في الطعن مما يجعل الطعن مقدما من غير ذي صفة، و من حيث الموضوع فإن القرار صدر ضمن مهامه و إختصاصه و جاء في إطار القانون المحدث للهيئة، كما أن المرسوم المحدد لإختصاصات و تنظيم وزارة الإتصال و المرسوم المحدد لإختصاصات وزير الإتصال لا يتيحان له أو للحكومة التدخل في العمل اليومي شذ ت أو إصدار طلبات أو أوامر لها، أي المجلس ليس محكمة أو غرفة تحكيم أو لجنة تبت في النزاعات بل إن إختصاصه محدد في المادتين 3 و 4 السالفتين الذكر، و أنه لم يكن أمام المجلس مدعي و مدعى عليه حتى يتم الإستماع للطرفين و لا يتعلق الأمر بتحكيم بالشكل المنصوص عليه في الفصول 306 و ما بعده من قانون المسطرة المدنية و أن هذا ما سبق أن قضت به المحكمة الإدارية في عدة أحكام، و أن أطراف هذه القضية هي رئيس م م و ش و ذ ت بإعتبارهماطرفي الإتفاق المحدد في المواد 25 و 46 و 127 من دفتر التحملات، لأجله إلتمس الحكم برفض الطلب.

و بناء على المذكرة التعقيبية المقدمة من طرف نائب الطاعنين بتاريخ 8/5/2014 الرامية إلى إعتبار عدم جدية المطلوبين في الطعن مضيفا أنه أمام تشبث الغرفة الثانية من المؤسسة التشريعية بموقفها الرامي إلى تعطيل الفصل 100 من الدستور الجديد و تعطيل قرار المجلس الدستوري، فقد ارتأت السلطة التنفيذية الاحتكام إلى السلطة القضائية باعتبارها سلطة موازية من أجل الفصل في هذه النقطة، كما أن ... راسل ... لإيقاف البت وعلى إثره قام مدير هذه الأخيرة بإصدار قرار بذلك ومر عليه أجل 60 يوما لم يتقدم رئيس مجلس المستشارين بالطعن فيه داخلها مما أصبح معه قرارا نهائيا، ملتمسا تمتيعه بكل ما جاء في مقال الطعن.

وبناء على إدراج القضية بجلستين آخرها بتاريخ 9/5/2014 حضرها نائب الطاعنين الذي أكد الطلب و دفاع المطلوب في الطعن الأول الذي أكد ما ورد في مذكرة جوابه، في حين تدخل نائب المطلوب في الطعن الثاني الذي أوضح أن القرار المطعون فيه ليس قرارا إداريا و أن الأمر لا يعدو أن يكون نقاشا سياسيا يجب أن يكون محل منازعة أمام المجلس الدستوري. ، و أن دفتر التحملات يتم وضعه في إطار توازن السلط ويصادق عليه المجلس الحكومي، و أنه لا يعقل أن تتم مراسلة ... بإيقاف البث لأن الجهة المؤهلة قانونا هي الهيئة العليا للاتصال السمعي والبصري ،فضلا على أن رئيس الحكومة ليس له الحق في التقدم بهذا الطعن ،مضيفا أن الإحاطة علما استعملت لمدة اثنتي عشرة سنة وأنه لا يمكن القياس بخصوص الأحكام الدستورية ،وعقب نائب الطاعنين موضحا أن البت في القضية يدخل في اختصاص هذه المحكمة طبقا للفصل الأول من الدستور الذي اعتبر القضاء سلطة إلى جانب السلطتين التشريعية والتنفيذية ، و أنه سبق للمجلس الدستوري أن اعتبر نقطة الإحاطة علما غير دستورية  في النظام الداخلي لمجلس النواب ولا يمكن الاحتجاج بدستور 1996 لكونه لم يبق له وجود ، و أن منع ...من بثها هو قرار إداري لم يتم الطعن فيه داخل أجل ستين يوما مما يكون معه قد تحصن، مؤكدا ما جاء في مقاله الافتتاحي ومذكرته ، وعقب نائب المطلوب في الطعن الثاني من جديد موضحا أن ... توجه ... وله الصفة في ذلك مضيفا أن دستور 2011 هو امتداد لدستور 1996 و أن السياسة ينبغي أن تبقى حكرا على السياسيين و أن القضاء يجب أن ينحصر دوره في  النزاعات العادية و ألا يتم حشره في تلك التي تنشأ بين مؤسسات الدولة أو بين سلطها ،مؤكدا ما ورد في مذكرته الجوابية ، بعد ذلك أعطيت الكلمة للسيدة المفوض الملكي التي أكدت ما جاء في تقريرها الكتابي الرامي إلى إلغاء القرار المطعون فيه لعيب مخالفة القانون،  بعده تقرر حجز القضية للمداولة لجلسة اليوم.

وبعد المداولة طبقا للقانون

في الشكل :

حيث دفعت الجهة المطلوبة في الطعن بكون القرار المطعون فيه لا يستجمع مقومات القرار الإداري ،وأن الطعن مقدم من غير ذي صفة ،و أن القضاء الإداري غير مؤهل للبت في المنازعات التي تنشأ بين مؤسسات الدولة وسلطها كما هو شأن النازلة الحالية التي يتعلق موضوعها بنزاع سياسي بين الحكومة والبرلمان ، و التمس لأجل كل ذلك التصريح بعدم قبول الطلب.

و حيث من جهة ، فإن القرار المطعون فيه صادر عن سلطة إدارية مستقلة متمثلة في ...و يتضمن أمرا ملزما ... .. و مؤثرا في مركزها القانوني و في المراكز القانونية لباقي أطراف هذه الدعوى ، و هو بذلك يتوفر على مقومات القرار الإداري القابل للطعن بالإلغاء، سيما و أن المادة 70 من القانون 03-77 المتعلق بالمجلس أوكلت للمحكمة الإدارية بالرباط صلاحية النظر في كل النزاعات التي تدخل ضمن اختصاصه والمتعلقة بتطبيق مقتضيات القانون المذكور، كما أن الصبغة الإدارية لهذا القرار جاء التأكيد عليها و الإقرار بها ضمن مذكرة جواب المجلس المذكور و التي أرفقها بحكم بهذا المعنى صادر عن هذه المحكمة، مما يكون  معه  الدفع المثار بهذا الخصوص  غير  مؤسس  ويتعين  استبعاده  .

      و حيث من جهة ثانية، فلما كانت الصفة في دعوى الإلغاء متلازمة مع شرط المصلحة و أن مجرد تحقق مصلحة الطاعن في دعوى الإلغاء يجعل صفته في تقديمها قائمة، و أن طبيعة دعوى الإلغاء كدعوى عينية تفرض إعطاء شرط المصلحة في إقامتها تفسيرا واسعا يشمل كل من تضرر من قرار إداري ، فإن رئيس الحكومة باعتباره ممثلا للسلطة التنفيذية، يعتبر حسب هذا المفهوم معنيا بالقرار محل الطعن ما دام هذا القرار يتعلق بالبت التلفزي و الإذاعي لجلسات مجلس المستشارين المخصصة للأسئلة الآنية الموجهة للحكومة، بما تكون معه صفته و مصلحته في مخاصمة القرار قائمة وما أثير بهذا الخصوص غير مؤسس.

وحيث من جهة ثالثه، فلئن كانت المحكمة ترى بخصوص الدفع المتضمن لما مفاده أن السياسة ينبغي أن تبقى حكرا على السياسيين، و أن دور القضاء يجب أن ينحصر في  النزاعات العادية و ألا يتم حشره في تلك التي تنشأ بين مؤسسات الدولة أو بين سلطها، أنه دفع غير جدي من أساسه لسبب بديهي هو أن المؤسسة التشريعية ليست طرفا في الدعوى الحالية، إلا أنه يجدر التوضيح في هذا الباب، أن رسالة القاضي و إن كانت تختلف عن رسالة الفاعل السياسي، لكون الأول عليه أن يتسلح وجوبا بالتحفظ والحياد والتجرد و هذا أمر يصعب تطبيقه في عالم السياسة ،و لأن ممارسة هذه الأخيرة قد تفرز مواجهات جانبية و تراشقات إعلامية من شأنها التأثير إيجابا أو سلبا على شخص السياسي أو فكره، وهذا كله غير جائز في مجال القضاء والقضاة لما ينبغي أن يحظى به القاضي من ثقة و احترام لدى الجميع و لأن أي مساس بشخصه قد يفقده صلاحيته و أهليته للحكم بين الناس ، إلا أن هذا الأمر  لا يتعارض إطلاقا مع ضرورة إدلاء القاضي بوجه عام و القاضي الإداري على الخصوص، برأيه في مسألة نزاعية ذات بعد سياسي موجودة في صلب نزاع معروض عليه داخل المحكمة ،إذ له هنا و عليه أن يقرر بشأنها ما يراه انتصارا للحق و القانون في الحكم الذي يصدره، و لا يعد ذلك اشتغالا منه بالسياسة أو تدخلا فيها ما دام يفصل في قضايا من صميم اختصاصه  كدعاوى الانتخابات أو إلغاء القرارات الإدارية لتجاوز السلطة ، كما لا يمكن اعتبار نتيجة حكمه في مثل هذه الحالة موالاة أو تغليبا لفصيل سياسي على آخر لأن المفروض في القضاة عدم نزوعهم في أحكامهم سوى إلى إحقاق الحق و تطبيق القانون.

    وحيث إن الطلب جاء فضلا عن ذلك مستوفيا لباقي الشروط الشكلية المتطلبة قانونا، لذا فهو مقبول .

في الموضوع :

حيث يهدف الطعن إلى إلغاء القرار الصادر عن ... تحت رقم 14/04 بتاريخ 29 جمادى الأولى 1435 الموافق ل 31 مارس 2014 المتضمن أمر ... بالإلتزام،عند نقل جلسات الأسئلة الأسبوعية لمجلس المستشارين، بالإجراءات بما في ذلك التوقيت والمدة المتفق عليها، طبقا للمواد 25 ،46 و127 من دفتر تحملات ...،مع تبليغه إلى هذه الأخيرة وإلى ...،وبنشره في الجريدة الرسمية.

وحيث أسس  الطرف الطاعن طعنه على كون القرار المشار إليه صادر عن جهة غير مختصة و فيه خرق لحقوق الدفاع و مخالف للقانون،  و على كون ... ليست له الصفة في تقديم شكاية لدى المجلس ....

و حيث إن المجلس المطلوب في الطعن يختص حسب المادتين 3 و 4 من القانون رقم 77.03 بالبت في الشكايات المتعلقة بخرق أجهزة الاتصال السمعي البصري للقوانين والأنظمة المطبقة على القطاع و في الشكايات الواردة من المنظمات السياسية ، كما أن باقي المقتضيات المنظمة لعمله لا تلزمه باستدعاء أطراف الخلاف المعنيين بهذه الشكايات، و بذلك يكون القرار المطعون فيه قد صدر عن المجلس في حدود مجال اختصاصه و لم يتضمن أي خرق لحقوق الدفاع، و تكون صفة ...كمنظمة سياسية مشتكية لديه قائمة، مما يجعل الوسائل المثارة بهذا الخصوص غير جدية.

وحيث تمسك الطاعنان بكون القرار المطعون فيه جاء مخالفا  لمضمون قرار المجلس الدستوري عدد 13/924 م . د الذي تم بموجبه تقرير عدم دستورية فقرة الإحاطة علما طبقا للفصل 100 من الدستور، و أن هذا القرار الأخير ملزم في هذه الحالة حسبما نص عليه قرار آخر لنفس المجلس تحت رقم 13/98.

و حيث نصت المادة 128 من النظام الداخلي لمجلس المستشارين على أنه "لرؤساء الفرق الحق عند بداية كل جلسة إحاطة المجلس علما بقضية طارئة في مدة لا تتجاوز ثلاث (3) دقائق، ويجب إخبار الرئيس بهذا الطلب برسالة ساعة على الأقل قبل افتتاح الجلسة."

و حيث من الواضح أن مضمون هذه المادة مماثل في جوهره لما كانت تتضمنه المادة 104 من النظام الداخلي لمجلس النواب، قبل خضوعها لرقابة المجلس الدستوري حين اعتبرها بمقتضى قراره عدد 13/924 م.د مخالفة لمقتضيات الفصل 100 من الدستور، بسبب منحها الأسبقية الزمنية للتحدث في موضوع عام طارئ في جلسة مخصصة دستوريا لأسئلة النواب وأجوبة الحكومة، و بسبب إخلالها بمبدأ التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية لعدم تحديد زمن إشعار الحكومة، و أيضا بمبدأ مساواة أعضاء البرلمان في ممارسة حقوقهم الدستورية لحصرها مجال التدخل في رؤساء الفرق النيابية دون غيرهم.

و حيث نص الفصل 134 من الدستور على أنه " ﻻ تقبل ﻗﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ الدستورية ﺃﻱ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﻦ ﻃﺮﻕ الطعن، ﻭتلزم كل ﺍﻟﺴﻠطﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎمة ﻭجميع ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﺍﻹﺩﺍﺭية و القضائية"، و هو ما يعني أن تطبيق الفصل 100 من الدستور، سواء بمجلس النواب أو بمجلس المستشارين، أضحى من اللازم أن يتم في ظل و حدود تفسيره الوارد في قرار المجلس الدستوري المشار إليه و المبادئ التي كرسها المجلس في سياق هذا التفسير.

و حيث إن التنزيل السليم لهذا القرار في تفسيره لمقتضيات الفصل 100 أعلاه الذي يعتبر، حسب صياغة المواد 25 ،46 و 127 من دفتر تحملات ..، المرجع الأساس في نقل و بث جلسات الأسئلة الشفوية لمجلسي البرلمان ، يقتضي حذف فقرة الإحاطة علما لمجلس المستشارين في صيغتها الحالية من البث التلفزي و الإذاعي و هو ما قامت به الشركة عن صواب تلبية لطلب الحكومة، و ليس في ذلك أي مساس بتوقيت أو مدة نقل هذه الجلسات خلافا لما أورده القرار المطعون فيه، بل إن ما يقتطع فعلا من المدة المخصصة للأسئلة الشفوية و لنقلها و يغير توقيت انطلاقها هو استمرار العمل بالإحاطة رغم تقرير عدم دستوريتها، و حاصل ذلك أن القرار المطعون فيه الذي أمر الشركة بالتراجع عن حذف بث هذه الفقرة، يكون قد تجاوز النصوص و الأحكام الدستورية المشار إليها و طبق مقتضيات دفتر التحملات بشكل معيب، وتكون الوسيلة المستمدة من مخالفته للقانون مؤسسة ويتعين لذلك الحكم بإلغائه.

 
 
المنطوق

و تطبيقا لمقتضيات القانون رقت 41.90 المحدثة بموجبه المحاكم الإدارية و خاصة المواد من 3إلى 8 و 20 منه .

لهذه الأسباب:

حكمت المحكمة الإدارية علنيا إبتدائيا، حضوريا:

في الشكل: بقبول الطلب

في الموضوع: بإلغاء القرار الصادر عن م أ إس ب تحت رقم 04.14 بتاريخ 29 جمادى الأولى 1435 الموافق لـ 31 مارس 2014.

بهذا صدر الحكم في اليوم و الشهر و السنة أعلاه..............

الرئيس         المقرر             كاتب الضبط

القضاء الإداري: رسالة القاضي و إن كانت تختلف عن رسالة الفاعل السياسي فإن هذا الأمر لا يتعارض إطلاقا مع ضرورة إدلاء القاضي بوجه عام و القاضي الإداري على الخصوص، برأيه في مسألة نزاعية ذات بعد سياسي موجودة في صلب نزاع معروض عليه داخل المحكمة



الاثنين 7 يوليوز 2014