MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية



الترحال السياسي

     

شعيب حريث
طالب باحث بكلية الحقوق بالمحمدية



الترحال السياسي
جرت العادة صيف كل سنة ان يعرف المجال الرياضي حركة الانتقالات الصيفية في صفوف الأندية و الدوريات للممارسين على مستواها بحثا عن الافضل و الأحسن و طمعا في الصفقة المغرية , إلا أنه هذه السنة استثناء انتقلت هذه الظاهرة الى الأحزاب السياسية المغربية تزامنا مع الإستحقاقات الإنتخابية المقبلة بحيث اصبح لا يمر يوما دون ان نسمع عن انتقالات فردية و جماعية ليست في صفوف الرياضيين و لكن هذه المرة في صفوف فاعلين سياسيين اختارو تغيير الأجواء و الإنتقال من حزب لآخر رغم اختلاف المبادئ و الإيديولوجيات التي يتسم بها كل حزب و بهذا يكون الفاعل السياسي بدوره لم يسلم من حب الذات و الرغبة في قضاء الحاجات و خاصة الخاصة منها, فقاعدة الإقتناع بتوجه حزب معين قاعدة لا وجود لها في المجتمع السياسي المغربي .
 
 بحيث المتتبع للشأن السياسي المغربي في الآونة الأخيرة لا محالة قد لاحظ عناوين بالبند العريض في مختلف الجرائد اليومية الورقية منها و الالكترونية عن استقالات عديدة في صفوف الأحزاب السياسية و عن تيارات تصحيحية لم تجد مبتغاها في دكان سياسي معين و عن انتقال أشخاص بالجملة من أحزاب لأخرى و لاسيما هذه الحركة الإنتقالية في أوساط الأحزاب الكبيرة ,و هذا ليس تصغير من بعض الأحزاب و لكن وصف كبيرة هو وصف مرتبط أساسا بالإستقطاب و تطلعات هذه الأحزاب في الاستحقاقات الإنتخابية المقبلة على اعتبار احزاب عديدة هي من بين 32 حزب الموجودة بالمغرب وجودها في حكم العدم لا من حيث التأطير و التكوين ولا من حيث تعزيز المشاركة السياسية مما يجعل وجودها وجودا صوريا , و أيضا على اعتبار أن الإنتقالات في صفوف الأحزاب الكبيرة بتطلعاتها تكون لإعتبارات و امتيازات خاصة تختلف سواء من جهة المنتقل( بكسر القاف) أو من جهة المنتقل إليه ( بفتح القاف ) و في هذا و دون أدنى شك مصالح متبادلة بين أطراف هذه المعادلة السياسية .

فظاهرة و عدوى الترحال السياسي لم تستطع مناعة المشرع المغربي مقاومتها ولم يستطع القانوم المغربي ان يجد لها دواء يكون بمثابة حل كفيل للحد منها منذ المصادقة على قانون الأحزاب سنة 2006 مما يستننج معه أن الحد من هذه الظاهرة رهين بمدى اقتناع الأحزاب السياسية بأن دورها المنصوص عليه دستوريا هو التأطير و إعداد نخب راقية مأهلة و ملتزمة بمبادئ الحزب و توجهاته و مدافعة عنها و ليس هو إعداد نخب من اصحاب الجاه و المال و لوبيات بعض المجالات التي منها من لا يدرك حتى تاريخ تأسيس الحزب المنضوي تحت لوائه فما بالك دفاعه عن توجهات هذا الحزب و دفاعه عن مصلحته العامة مما يجعل تمثيلية هذا النوع من النخب للمواطن ما هو إلا لغرض مصلحة خاصة محضة أكثر من كونها عامة , فالأحزاب السياسية بالمغرب و خلال هذه الفترة الحساسة التي تعرف فتح باب طلب الترشيحات بلائحاتها و التي تضع شروطا اساسية لطالب الترشح من كفاءة و سمعة حسنة داخل الاوساط و نزاهة و....ما هي في حقيقة الأمر هذه الشروط إلا شروطا شكلية بقدرما يهم بعض الأحزاب السياسية هو الإستقطاب الذي سيوفره هذا المرشح للحزب و مدى قدرته على ملأ صناديق الإقتراع , فالترحال السياسي يمثل سببا من أسباب العزوف السياسي المزمن الذي يعرفه المشهد السياسي في بلادنا فاستمرار نفس الأشخاص و تنقلهم على مستوى لائحات بعض الأحزاب السياسية دون خلقهم لأي جديد يذكر ما من شأنه الا أن يشكل نفور سياسي في صفوف المواطنين في ظل وجود كائنات انتخابية هاجسها هو العملية الانتخابية و تختفي بمجرد انتهاء عملية الفرز , و أيضا في ظل وجود دكاكين انتخابية وليست احزاب بمفهوم الفصل 7 من دستور فاتح يوليوز 2011 و التي دورها يكمن اساسا في التأطير و التكوين و التأهيل في تدبير الشأن المحلي . و هذا ودون ادنى شك أفقد ثقة المواطن في الأحزاب السياسية و جعلها في مهب الريح و ميع العمل السياسي و الحزبي . فالترحال مصطلح اقترن بالرعاة و الغنم و التي ترحالها ما هو الا لغرض البحث عن الكلأ فمن غير الصواب أن يقترن بأشخاص يرتقب فيهم أن يمثلوا إرادة الشعب.



الاثنين 17 غشت 2015

تعليق جديد
Twitter