MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية



الإشكالات المتعلقة بالتحقيق والإثبات وخصوصيتهما في المنازعات الجبائية العقارية بقلم ذ نجيب البقالي محام بهيئة البيضاء

     



بقلم ذ نجيب البقالي محام بهيئة البيضاء
وباحث بسلك الدكتوراه كلية الحقوق بالمحمدية



الإشكالات المتعلقة بالتحقيق والإثبات   وخصوصيتهما في المنازعات الجبائية العقارية بقلم  ذ نجيب البقالي  محام بهيئة البيضاء
 
 
يحتل الإثبات والتحقيق أهمية قصوى لدى القاضي بل أساس ومحور تشكل قناعته، لأنه لا يوجد حق بدون إثبات، والتحقيق باعتباره آلية تسهل وتساهم في إثبات الحقوق أو تقييدها ذا أهمية بالغة في جميع الدعاوى وخاصة في المجال الضريبي.(1)

     وقد نظم ق.ل.ع  في فصوله من 399 إلى 460 قواعد الإثبات، أما قانون المسطرة المدنية فقد نظم وسائل التحقيق في الفصول من55 إلى 102. وهكذا فبالرغم من أن النزاعات الضريبية تنتمي إلى القانون الإداري فإن القواعد المسطرية هي نفسها المنصوص عليها في القانون الخاص المتعلق بقواعد المسطرة.

بيد أن هناك بعض الاختلافات والخصوصيات من مثل استبعاد اليمين والشهود كوسيلتي إثبات كما هو ثابت قانونا وقضاء، وبما أن الدعوى الضريبية تندرج في أغلبها في إطار القضاء الشامل، وبما أن
القاضي الإداري المغربي مدعو لأن يلعب دور المفتش السلمي للضريبة، فإن مرحلة التحقيق في الدعوى التي يقوم بها القاضي المقرر تبدو مرحلة حاسمة في تكييف هذه الأخيرة وتوجيهها، بحيث يجب عليه استعمال جميع الوسائل القانونية والمسطرية المتوفرة لديه لكي يظهر حقيقة الإلزام الضريبي ويطبقها على الأطراف.

و بالنظر لأن الدعوى الضريبية تحسم على مستوى وسائل التحقيق وآليات الإثبات، وبالنظر لقصور التشريع الضريبي في تنظيم وتقنين هذا المجال بشكل مستقل عن المسطرة المدنية والقانون الخاص
 ( خاصة ق.ل.ع)،  فقد أثيرت عدة إشكالات أمام القاضي الجبائي والتي سنحاول تناولها في هذا المقال.
 و من ثمة، سنتعرض لوسائل التحقيق والإثبات مع الإشارة لخصوصيتهما على مستوى الجباية العقارية( الفقرة الأولى) كما سنعرج  على الإشكالات المتعلقة بالخبرة باعتبارها الوسيلة الأكثر لجوءا إليها من طرف القضاء في المنازعات الجبائية، وكذا إنفراد الخبراء بحسم هذه المنازعات من حيث الاعتداد بآرائهم بشكل كامل من طرف القضاء ، كما سنتناول مواقف القضاء من عبء الإثبات، والتوجه الذي سارت عليه محاكم الموضوع والغرفة الإدارية بمحكمة النقض.( الفقرة الثانية)
 
الفقرة الأولى : وسائل التحقيق والإثبات                                       

تتوقف مصداقية الحقوق المدعى بها على قوة الحجج المثبتة لها، لذلك فالحق يكون عديم الفائدة إذا عجز عن إثبات وجوده، و القاضي الجبائي قد لا يقتنع بالوسائل المعروضة أمامه أو أن وسائل الإثبات هذه تكون ناقصة أو غير كافية فيلجأ إلى إجراءات التحقيق من بحث وخبرة لتشكيل قناعاته القانونية.

أولا : وسائل التحقيـــق

إذا تبين للقاضي أن عناصر الإثبات المقدمة من الطرفين لا تمكن من تكوين نظرة وافية عن النزاع أو لا تكفي لتكوين قناعة واضحة، يجوز له بناء على طلب الأطراف أو أحدهم أو تلقائيا أن يأمر باتخاذ إجراءات التحقيق وهي : الخبرة ، البحث ، المعاينة  كما ينص على ذلك الفصل 55 من ق.م.م .(2)
1- الخبرة : الخبرة من بين أهم إجراءات التحقيق وأكثرها تطبيقا في العمل القضائي، والخبرة بمعناها الواسع لها عدة معاني ومفاهيم، غير أن الخبرة المقصودة في بحثنا هذا هي الخبرة القضائية l’expertise judicaire  (3).
وقد عرفها الأستاذ عبد العزيز توفيق بأنها " العمليات والتقارير التي يقوم بها الخبير المعين من طرف المحكمة في مسالة فنية يأنس القاضي من نفسه عدم الكفاية العلمية أو الفنية للقيام بها". (4).
وتخضع الخبرة لمجموعة من المبادئ هي: أن لا يتعلق موضوعها بمسألة قانونية أو سماع شهود، كما لا يجوز أن تكون الخبرة كطلب أصلي في الدعوى.
ويتم اختيار الخبير استنادا إلى قدراته أو علمه أو فنه، ومهمته إبداء رأيه للمحكمة في المسائل الفنية المحددة له من طرف القاضي والتي لا علاقة لها بالقانون، ويتمتع باستقلال فني في إنجاز تقريره، غير أن الخبير رغم استقلاله  يتوجب عليه عدم الإدلاء برأي أو بيان في مسألة لم ترد في النقط التي حددها القاضي.
كما أن انتداب الخبير أمر موكول لسلطة القاضي التقديرية، فهو وحده الذي يملك حق الاستجابة لطلب إجراء الخبرة أو عدم إجرائها.(5)
وقد خول المشرع المغربي للخصوم حق تجريح الخبراء كما هو مبين في الفصل 6 من قانون المسطرة المدنية، كما يمكن للقاضي استبدال الخبير المعين من طرفه تلقائيا أو بناء على طلب الخصوم و يعين خبيرا آخر محله.
وينجز الخبير المأمورية بعد استدعاء الأطراف تحت طائلة بطلان الخبرة، وبعد محاولة إجراء التصالح بين الأطراف والاستماع إلى أقوالهم والحجج التي يتقدمون بها، يضع تقريره داخل الأجل المحدد له.
ومن المسلم به أن مضمون تقرير الخبير وأرائه غير ملزمة للقاضي، فهي على سبيل الاستئناس فقط، وإذا اتضح له أنها ناقصة أو لم تف بالغرض، جاز له أن يأمر بإجراء خبرة إضافية، أو خبرة مضادة
يجريها خبير أو خبراء آخرون حسب أهمية المنازعة، والذين يقدمون بدورهم تقارير أخرى.
وفي المنازعات الجبائية العقارية تلجأ المحكمة للخبرة في الحالات التالية التي تحتاج إلى أهل الإختصاص والخبرة ومن بينها:
_ تحديد القيمة التجارية للعقار المبيع وقت تفويته عند النزاع حول قيمة الضريبة على الأرباح العقارية ورسوم التسجيل، حيث قضت محكمة النقض بإلغاء الحكم المستأنف وإرجاع الملف إلى نفس المحكمة بناء على أن رفض الحكم المستأنف الطلب من غير أن يجري أي بحث أو أن يأمر بإجراء خبرة للتأكد من القيمة التجارية للعقار المبيع وقت تفويته، يكون قد جانب الصواب فيما قضى به ومن المتعين إلغاؤه.(6)
_ تحديد القيمة الكرائية عند المنازعة في أساس احتساب الضريبة الحضرية أو الضريبة المهنية أو رسم الخدمات الجماعية، و قد أيدت الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى سابقا حكما اعتمد على تقرير خبرة أنجز بناء على حكم تمهيدي صادر على نفس المحكمة بشأن منازعة الطاعن في تقدير القيمة الكرائية المعتمدة في احتساب الضريبة الحضرية، لعدم إدلاء الإدارة الضريبية بعناصر المقارنة المحتج بها.(7)

 
  • تحديد الدخل العقاري المفروضة عليه الضريبة على الأرباح العقارية، بالنسبة للمقاولين الذين يستثمرون في قطاع العقار، حيث أمرت المحكمة الإدارية بوجدة بإجراء خبرة حسابية لتحديد أساس الضريبة المتنازع بشأنها بخصوص الدخول العقارية، وبعد أن تبين لها صحة ما ذهب إليه الخبير صرحت ببطلان الضريبة على الدخل فيما زاد عن تقدير الخبير.(8)
غير أن ما يلاحظ من خلال تفحصنا لبعض الأحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية بالدار البيضاء أو  باقي المحاكم الإدارية المبنية على الخبرة، أن القضاة لا يأخذون مضمون الخبرة على سبيل الاستئناس في إصدار أحكامهم ولكنهم يبنون تلك الأحكام على مضمون الخبرة لتصبح هذه الأخيرة تقريرية بكل ما للكلمة من معنى، خاصة في السنوات الأولى لدخول المحاكم الإدارية حيز التنفيذ.(9)
لكن مع تطور عمل المحاكم الإدارية و اكتساب قضاتها للتجربة الكافية في المادة الجبائية، فإنهم لا يترددون في استبعاد الخبرات غير مبنية على أساس، و اعتماد ما جاء فيها بشكل جزئي، أو الأمر بخبرة ثانية مضادة، أو حتى خبرة تحكيمية ثالثة.

2- الوسائل الأخرى:

    إلى جانب الخبرة كوسيلة تحقيق، يمكن للقاضي الجبائي أن يلجأ إلى البحث أو المعاينة .
 فإجراءات البحث التي تتبعها المحاكم الإدارية بالمغرب تختلف من حيث المضمون عن محتوى إجراءات البحث المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية ، لكون هذه المسطرة تستعمل عادة أمام
المحاكم العادية من أجل الاستماع إلى الشهود قصد استكمال التحقيق وجمع أكبر قدر من المعلومات
المفيدة في سبر أغوار القضايا المعقدة، بينما لا تعتبر أقوال الشهود واليمين في المادة الجبائية كوسيلتي تحقيق  .
وعمليا، فإن القاضي يأمر بمقتضى حكم تمهيدي بإجراء بحث لشرح المقتضيات الضريبية التقنية والاطلاع على الملف الجبائي الملزم والنقط التي يجب على الخبير الإجابة عنها.
    وخلال البحث يقوم القاضي المقرر بإعطاء الكلمة للخصوم لشرح إدعاءاتهم والإدلاء بالوثائق
المفيدة في الإثبات إذا اقتضى الأمر ذلك، ويطرح الأسئلة عليهم لفك الإشكالات التي واجهته أثناء دراسة القضية.(10)
ويمنح القاضي المقرر مهلة بعد البحث للتعقيب على الإدعاءات التي تقدم بها كل طرف والحجج المتقدم بها.
  وللإشارة فالملزم يحضر بجانبه محاميه، ويحضر عن الإدارة الضريبية أحد المفتشين التابعين لمصلحة المنازعات القضائية وقد يساعده في ذلك المفتش المحقق الذي أجرى الفحص أو قام بربط الضريبة موضوع النزاع، أما إذا تخلف أحد طرفي الدعوى عن الحضور لجلسة البحث رغم التوصل القانوني : فقد جاء في حكم صادر عن المحكمة الإدارية بالبيضاء " وحيث أنه بالإضافة إلى كون الملف يتضمن وثيقة صادرة عن السلطة المحلية بتاريخ 08/09/94 والتي تفيد بأن المدعي كان متوقفا عن عمله كمقاول سنة 1988 فإن ما تدعيه الإدارة من كون تحرياتها قد أفادت باشتغاله سنة 1988 يخالف وقائع النازلة، وهو ما حدا بالمحكمة إلى إجراء بحث لمعرفة هذه التحريات، إلا أن الإدارة تخلفت عن الحضور لجلسة البحث رغم توصلها، الشيء الذي يتعين معه إلغاء الأمر المطعون فيه." (11)
وقد يساهم البحث في وصول المحكمة إلى مدى صحة ادعاءات الملزمين، وفي هذا الإطار ألغت المحكمة الإدارية بأكادير الضريبة الحضرية المفروضة بعد أن ثبت لها من وثائق الملف و البحث المنجز في الدعوى أن المدعين لم يعود يستغلون العقار موضوع الدعوى، وبالتالي انتفت الواقعة المنشئة للضريبة.(12)
كما يمكن للقاضي أن يلجأ إلى باقي إجراءات التحقيق العادية الأخرى: من إجراء معاينة، طبقا للفصل 68 من قانون المسطرة المدنية، و تحقيق الخطوط و الزور الفرعي طبقا للفصل 69 من نفس القانون، إلا أن القاضي الجبائي من النادر أن يلجأ إلى هذه الإجراءات بالنظر لخصوصيات وطبيعة الدعوى الجبائية العقارية.

  ثانيا:    نظـــام الإثبــــــات

غاية الإثبات في المادة الجبائية العقارية بالنسبة للإدارة تكمن في إعطائها صلاحيات وإمكانية إثبات توفر شروط إعمال النص الجبائي خاصة ما يتعلق بإثبات الواقعة المنشئة للضريبة، أو إثبات المادة الضريبية بصفة عامة، والإجراءات المرتبطة بفرضها أو تصحيحها، وأيضا إثبات المخالفة للنظام الجبائي، وذلك بهدف تطبيق النصوص القانونية الضريبية وخلق نوع من المساواة في تحمل الأعباء العامة.
أما بالنسبة للملزم فالهدف من الإثبات هو تمكينه من إثبات دخله أو رقم أعماله الحقيقي أو عدم توفر الواقعة المنشئة للضريبة، أو تحقيق دخل أو ربح أقل، أو استفادته من إعفاء ضريبي.(13)
وقد يخضع نظام الإثبات في المادة الضريبية للقواعد العامة، حيث نجد أن المادة 399 من قانون الالتزامات والعقود تؤكد على أن إثبات الالتزام على مدعيه، والتي يصعب تطبيقها في المجال الجبائي، بالنظر لانعدام التوازن بين الإدارة التي تتوفر على إمكانيات مهمة، والملزم الطرف  الضعيف في العلاقة .(14)
ويقوم الإثبات في المجال الجبائي على عدة مبادئ يمكن إجمالها في ما يلي :
_يتحمل عبء الإثبات من يدعي خلاف الأصل.
_يتحمل عبء الإثبات من كلفه المشرع باحترام التزام إجرائي كالتالي :
& الإدارة في مسطرة الفرض التلقائي
& الإدارة أو الملزم في مسطرة التبليغ حسب من يباشر المسطرة.
& الملزم في مسطرة المنازعة في الضريبة .
& الإدارة في مسطرتي الفحص والتصحيح باعتبارها الجهة التي بادرت إلى مباشرة المسطرة.
و يعفى من عبء الإثبات من كانت القرينة لصالحه، سواء كانت قرينة قانونية بسيطة أو قرينة واقعية أو قرينة قضائية.
و يتحمل عبء الإثبات من يدعي خلاف تقدير اللجان: سواء اللجنة الوطنية للنظر في الطعون الجبائية أو اللجة المحلية لتقدير الضريبة.
لا يجب تحميل المتقاضي أكثر مما في وسعه. (15)

أما وسائل الإثبات في المادة الجبائية العقارية :

فإن المبدأ العام مفاده أن المكلف بالجباية العقارية ملزم بالإثبات بالوسيلة التي حددها المشرع في حين أن الإدارة حرة في اللجوء إلى أي وسيلة، خاصة لإثبات وجود المادة الضريبية بصفة عامة.
كما لم يتم تقييد وسائل الإثبات بالنسبة للإدارة إلا في بعض المخالفات.
ويمكن إجمال وسائل الإثبات في :(16)
-التصريح بالضريبة.
-الإثبات بواسطة الوثائق المحاسبية.
-الحجة الكتابية.
-الإقرار والاعتراف.
-القرائن.
 وسنتناول كل نقطة على حدة:

أ ـــ التصريح بالضريبة :

                التصريح أو الإقرار هو مبادرة إجبارية وضرورة من قبل الملزم في العملية الضريبية تستهدف الإخبار بواقعة معينة لها أثار جبائية ، وعليه فالمكلف بالضريبة ملزم بالبيانات والمعلومات التي يتضمنها تصريحه طبقا للفصول: 148 المتعلق بالتصريح بالتأسيس والفصل 149 المتعلق بتحويل المقر الإجتماعي  والفصل 150 المتعلق بتوقف المنشأة عن مزاولة نشاطها، و الفصول 152، 153، 154، المتعلقين بالإقرار بالحصيلة الخاضعة للضريبة من المدونة العامة للضرائب.
كما أن التصريح يفترض فيه أنه صادق إذا قدم مستوفيا للبيانات القانونية وداخل الأجل القانوني وبالتالي على الإدارة إثبات العكس.

ب ـــ الوثائق المحاسبية:

                 تعتبر الوثائق المحاسبية أيضا من الإثبات الجاهز إذا كانت ممسوكة بانتظام أي وفق القانون المحاسبي.
 وهكذا ورد في قانون الضريبة على الشركات بأن الإدارة الضريبية لا يمكن أن تشك في محاسبة المقاولة الممسوكة بانتظام، والتي لا تشوبها إخلالات جسيمة إذا أثبتت نقصان الأرقام المصرح بها، بمعنى أن المحاسبة الممسوكة من طرف الملزم بصورة منتظمة وفقا للقانون المحاسبي تعتبر وسيلة إثبات لفائدة الملزم وإذا قامت الإدارة برفضها يقع عليها عبء إثبات عدم صحتها أو قيمتها الثبوتية.(17)

ج-الحجة الكتابية:

 ونقصد بها الإثبات بالمحاضر والشواهد الإدارية.
فالمحاضر المحررة بمناسبة المخالفات المنصوص عليها في المدونة العامة للضرائب تعتبر وسيلة إثبات متى استجمعت الشروط القانونية وهي أن تكون مكتوبة، محررة من طرف مفتش على الأقل، متضمنة للواقعة محل المعاينة وأن يكون مؤرخا من طرف المحرر.
أما الشواهد الإدارية، فالمحكمة الإدارية بالبيضاء اعتبرت الشواهد المسلمة من طرف السلطة المحلية مرجحة على باقي الوثائق الأخرى وخاصة محضر التحري المنجز من طرف المفتشين.(18)

د-الإقـــرار:

ونقصد به الإقرار القضائي والقبول الضمني.
فالإقرار القضائي نصت عليه المادة 406 من ق.ل.ع ، والذي بموجبه تقرر بعض الأحكام أن عدم جواب الإدارة على مقال أو مذكرة الملزم هو إقرار من قبل الإدارة بما ورد فيها.(19)
في حين أن القبول الضمني المتمثل في عدم جواب أحد الطرفين على ملاحظات الطرف الآخر داخل الأجل الذي يحدده المشرع، يعد قبولا ضمنيا بهذه الملاحظات.
 وأكثر الحالات إثارة في هذا الصدد تتعلق بعدم جواب الملزم على جميع ملاحظات الإدارة في إطار المسطرة التواجهية.

ه- القـــرائن :

تنقسم القرائن في المادة الضريبية إلى:
_القرينة القانونية القاطعة: هي التي تعفي من تقررت لمصلحته من كل إثبات، ولا يقبل أي إثبات يخالفها.
_القرينة القانونية البسيطة: تعفي الإدارة من عبء الإثبات لكن في إمكان الملزم أن يثبت العكس مثل: أن التقييد بالسجل التجاري وفي قوائم الضريبة المهنية قرينة على بداية مزاولة النشاط المهني، وبالتالي بداية الخضوع للضريبة.

ج . القرينة القضائية : وهي القرينة التي يستمدها القاضي من واقع الحال أو من واقعة معلومة ليصل إلى واقعة غير معروفة، وقد أقر الاجتهاد القضائي بعض القرائن مثل :

_دخول الملزم في حوار مع إدارة الضرائب ومباشرته لإجراءات لاحقة قرينة على علمه اليقيني بالإجراءات السابقة.
_قرينة وجود إخفاء الأسس الضريبية ناجم عن التصرف غير العادي في التسيير مثل:
     ـ التخلي عن قروض أو عن فوائد .
     ـ منح قرض بدون فائدة.
     ـ وجود مصاريف مبالغ فيها.
     ـ منح تعويضات تفوق قيمة العمل المنجز.
وفي هذه الحالات من حق الملزم إثبات عكس القرينة سواء على مستوى المبدأ أو المبلغ.(20)
مما سبق يتضح أن وسائل الإثبات في المادة الجبائية متعددة ومتنوعة كما سبق الذكر لكن تبقى الوثائق المحاسبية الوسيلة الأكثر استعمالا في الإثبات سواء من طرف الإدارة أو الملزم.
فكيف تعامل القضاء مع بعض الإشكالات التي طرحتها وسائل التحقيق والإثبات هاته؟.


الهوامش
ـــــــــــــــــــــ
  1. سحر عبد الستار إمام يوسف، دور القاضي في الإثبات دراسة مقارنة،  الإسكندرية، دار الفكر الجامعي، 2007، ص 61.
2  . عبد القادر التيعلاتي : النزاع الضريبي في التشريع المغربي،دار النشر المغربية بالبيضاء- طبعة 2002 ,  ص 150.
3. خالد الشرقاوي السموني، الخبرة القضائية في ضوء قانون المسطرة المدنية والإجتهاد القضائي، دار النشر المغربية، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية ، سلسلة " مؤلفات وأعمال جامعية  العدد 7، سنة 1998 . ص 15.
4. عبد العزيز توفيق، " شرح قانون المسطرة المدنية والتنظيم القضائي"، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء سنة 1995 ص 183.
5. عبد الغني خالد . المسطرة في القانون الضريبي المغربي، مطبعة دار النشر المغربية  ين السبع –الدار البيضاء/ 2002، ص 372،373.
6-قرار رقم 619 صادر بتاريخ 20/06/2007 ملف إداري عدد 483/4/2/2005 منشور بمجلة الحقوق المغربية، م س، ص 83.
7- قرار رقم 658 صادر بتاريخ 27/6/2007 ملف إداري عدد2359/4/2/2005 نفس المرجع، ص 85.
8.و الأمثلة على ذلك كثيرة حيث جاء في حكم عدد 755 بتاريخ 13/11/96 ملف رقم 166/95 " وحيث أن الخبرة التي أمرت بها المحكمة تمهيديا حددت القيمة التجارية للعقار موضوع الخبرة في مبلغ أربعة وأربعين ألف درهم وذلك بتاريخ التفويت. وحيث ارتأت المحكمة المصادقة على تقرير الخبرة والحكم تبعا لذلك بإلغاء بيان التصفية المطعون فيه جزئيا فيما تضمنه من رسوم تكميلية، واعتبار أن الثمن الحقيقي للعقار هو أربع وأربعين ألف درهم ...) حكم غير منشور.
9- حكم رقم 11 صادر بتاريخ 17/02/2005 ملف عدد 154/2001 ض ، عبد الغني خالد ، ص 369.
10. عبد الغني خالد . م.س  ص 367،368،369 .
11. حكم رقم 73، بتاريخ 06/03/96 من الملف 106/ 94 ذكره عبد الغني خالد ، م س، ص 368.
12. حكم عد 341 بتاريخ 5/10/2006 ملف عدد 295/2005 ش منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 130ـ131 ،م س، ص 367.
13. عبد الرحمان أبليلا، " بعض جوانب نظام الإثبات في المادة الجبائية" مقال ب دفاتر المجلس الأعلى  عدد 8/2005 مطبعة إليت ، ص 245  الدار البيضاء.
14. محمد شكيري: القانون الضريبي المغربي، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، الطبعة الثانية، 2005،   ص 616.
15. عبد الرحمان أبليلا ، مرجع سابق  ص 256،249،248،247.
16.   عبد الرحمان أبليلا، م س،   ص 252 إلى 263.
17.  محمد شكيري ، م.س   ص 616.
18. حكم صدر بتاريخ 22/09/ 2004 غير منشور.
19. حكم المحكمة الإدارية بوجدة صادر بتاريخ 20/10/1999 في الملف رقم 98/99 : " وحيث أنه من المعلوم أن الفصل 406 من ق.ل.ع   ينص على أن الإقرار القضائي يمكن أن ينبع من سكوت الخصم عندما يدعوه القاضي صراحة للإجابة عن الدعوى الموجهة إليه فيلوذ بالصمت ولا يطلب أجلا لإجابة عنها " نقلا عن ذ.عبد الرحمان أبليلا . م.س   ص 259.
  1. عبد الرحمان أبليلا . م.س. ص 257 إلى 263 .
الثلاثاء 28 يوليوز 2015




تعليق جديد
Twitter