MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



الإدارة القضائية .. وفكر الضيعة!

     

ذ.مصطفى العضراوي
عضو نادي قضاة المغرب



الإدارة القضائية .. وفكر الضيعة!
فكر "الضيعة" كما هو سائد في بعض المرافق العمومية في بعض بلدان العالم الثالث، ﻻزال نفس الفكر يستحوذ على بعض المسؤولين القضائين ببعض المحاكم المغربية إعتقادا منهم بأن هذا الفكر هو الذي ينبغي أن يسود، إذ لم يستوعبوا بعد أن إدارة المرفق القضائي عملية تتطلب إشراك جميع القضاة في مختلف مراحلها بدءا بإعداد جدول العمل الذي ينبغي أن يسير عليه المرفق القضائي وانتهاء بمعالجة بعض القضايا الطارئة التي تستدعي المقاربة التشاركية في الإدارة والتدبير. ويبدو أنه ثمة أدوات قانونية وواقعية ﻻزالت تسعف هذا الفكر في الوجود والسيطرة وفرض التوجه وطريقة اﻹشتغال التي يراها بالنسبة له على أنها ناجعة.

وسنحاول في هذا المقال معالجة الموضوع في محورين : اﻷول من خلال عمل الجمعيات العمومية بالمحاكم. و الثاني من خلال نشرة التنقيط للسادة القضاة.
 
فرض فكر التحكم من خلال الجمعية العمومية بالمحاكم.
 
ﻻشك أن السادة القضاة يشاطرونني الرأي في أن الغاية من إحداث الجمعية العمومية بالمحاكم ومن خلال المرسوم المنظم لها، تكمن في خلق ما يشبه برلمانا للمحكمة، بغرض تبادل الرؤى واﻷفكار بين السادة المسؤلين القضائين وبقية السادة القضاة العاملين بها حول توزيع القضايا على القضاة بحسب ميول و كفاءة وتجربة كل واحد منهم، وكذلك لتدارس المشاكل التي يعرفها سير المرفق القضائي، و البحث عن أنجع السبل لتجاوزها، وكل ذلك في سبيل تقديم خدمة قضائية في المستوى المطلوب.

لكن ما نود تسجيله في هذا المجال هو أن بعض السادة المسؤولين ﻻ يعملون على تفعيل دور الجمعيات العمومية بالمحاكم وﻻ يريدون حتى فتح النقاش حول توزيع الجلسات بين السادة القضاة.. و ﻻ يزالون يعتقدون أنهم لوحدهم قادرون على القيام بذلك متجاهلين المرسوم المنظم للجمعيات العمومية، واﻷساليب الحديثة في إدارة المرافق العمومية، و كأن المحكمة هي ضيعة خالصة لهم يديرونها بالشكل والطريقة التي تحلوا لهم، و هكذا يتم قراءة جدول توزيع الجلسات المعد مسبقا من قبل المسؤول دون إشراك أحد فيه، أو الاكتفاء بإشراك البعض ممن يريد إشراكه فيه، و كأن اﻵخرين ليسوا أعضاء بالجمعية العمومية للمحكمة، و يتم توزيع الشاي والحلوى على الحاضرين، و ينتهي الجمع بالتصفيق.

لذلك بات من الضروري تفعيل دور الجمعية العمومية في ظل اﻹصلاح المنشود خدمة للمرفق القضائي و خدمة للمواطنين.

و حتى نستطيع بلوغ هذا الهدف ﻻبد من تجديد النخب القضائية القادرة على إستيعاب هذا اﻹصلاح والقطع مع بعض ممارسات الهيمنة و السيطرة على تسير المرفق القضائي بشكل إنفرادي إن لم نقل بشكل تسلطي خاصة و أن بعض المسؤولين عمروا بموقع المسؤولية أكثر من اللازم بالرغم من السلبيات العديدة التي رافقت مهمتهم هاته.

 فرض فكر الهيمنة من خلال نشرة التنقيط كورقة ضغط للحد من المشاركة بفعالية في الجمعية العمومية.

إن ما يسند فكر الضيعة في فرض هيمنته هو أن بعض المسؤولين القضائيين يلجئون إلى نشرة التنقيط كوسيلة لثني المخالفين لتوجههم في تسيير المرفق القضائي.

ذلك أنهم جعلوا من هذه النشرة وسيلة لتصفية الحسابات مع بعض السادة القضاة جراء عدم مسايرتهم لتوجههم في طريقة إدارة المرفق القضائي. و بدﻻ من أن تبنى نشرة التنقيط على معايير موضوعية، غالبا ما يلجأ المسؤول إلى إفراغ حساباته الشخصية مع القاضي من خلالها، ويعطل بذلك مسيرة الترقي بالنسبة إليه.

و بالرغم من أن البعض منهم أصبحت أسماءهم شائعة داخل الوسط القضائي بالنظر لطول المدة التي تقلدوا فيها المسؤولية وفي محاكم مختلفة وتجاوزت بالنسبة للبعض منهم مدة العشر سنوات بمحكمة واحدة فقط، و لئن كان في الدورة اﻷخيرة للمجلس اﻷعلى للقضاء قد وضع حدا للبعض منهم من المسؤولية، إﻻ أنه ﻻزالت هناك أسماء أخرى يتعين في المجلس الحالي أن يضع لها حدا لها هي اﻷخرى.
ﻷنه ﻻيعقل أن نظل نسمح لمسؤولين أصبحوا معروفين بأذيتهم للسادة القضاة و معروفين لدى الجميع أن نتركهم يعبثون بالمسار المهني للقضاة لمجرد اﻹختلاف في الرأي بالجمعيات العمومية.

لكل ذلك و حتى نعمل على تنزيل اﻹصلاح المنشود بما يحقق السير العادي والسليم للمرفق القضائي بات محتما علينا اﻹستجابة لمطلب تفعيل دور الجمعيات العمومية بالمحاكم وإعتماد اﻷساليب الجديدة في إدارة المرفق القضائي، و كذلك تعيين مسؤولين تتوفر فيه شروط تولي هذه المهمة من كفاءة و نزاهة وموضوعية، و التحلي بقيم العدل ولما ﻻ اللجوء إلى التباري حول مناصب المسؤولية القضائية وإخضاع المسؤولين القضائيين الجدد لتكوين في اﻹدارة القضائية حتى يكونوا قادرين على إستيعاب المناهج الجديدة في اﻹدارة والعمل على إشراك السادة القضاة في تقديم الخدمة القضائية وفق الشكل المطلوب.

وكذلك بحذف نشرة التنقيط لكونها ﻻتعكس اﻷداء الحقيقي للسادة القضاة بالشكل المتحدث عنه أو على اﻷقل الابقاء عليها على أساس أن تصبح معايير التقييم موضوعية و ﻻ تستند لحسابات شخصية أو ذاتية ضيقة لصيقة بالمسؤول القضائي.

و أيا كان الشكل المقترح أصبح لزاما علينا تمكين السادة القضاة من اﻹطﻻع على نشرة التنقيط بعين المكان حتى يستطيعوا تدارك ما يمكن تداركه بدلا من تركهم في غفلة من أمرهم إلى أن يتفاجئوا بالخيبة الكبرى التي قد تغير مسارهم المهني ككل، في شكل تأخير غير مبرر في الترقية، نتيجة حيف مسؤول قضائي متشبع بفكر الضيعة بدﻻ من فكر التشارك و التشاور واﻹقناع و اﻹقتناع.



الاربعاء 27 ماي 2015

عناوين أخرى
< >

الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 10:43 محنة المدونة


تعليق جديد
Twitter