MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



استقلال السلطة القضائية .. حاجة مجتمعية بقلم حريث شعيب

     


شعيب حريث
طالب باحث بكلية الحقوق بالمحمدية



استقلال السلطة القضائية  .. حاجة مجتمعية بقلم حريث شعيب
إن موضوع استقلال السلطة القضائية اصبح ضرورة ملحة و حاجة مجتمعية بعيدا عن كونه مجرد مطلب يخص فئة القضاة باعتبارهم ممارسين على مستوى هذه السلطة وموضوع استقلال السلطة القضائية يتمثل اساسا في استقلالها و عدم تبعيتها للسلطة التنفيذية , حيث بالرجوع إلى مجموعة من التقارير الدولية التي تضع المغرب في خانة الدول التي تفتقر الى استقلال القضاء نجد ان ذلك يرجع اساسا لتبعيته للسلطة التنفيذية في شخص وزير العدل , اضافة الى تحكم منطق الأوامر فيه . فالدستور المغربي الجديد لسنة 2011 حسم الأمر في الفصل 107 بإسباغه على القضاء صفة " سلطة" الأمر الذي لم يكن في الدساتير السابقة , اضافة لحثه على ان هذه السلطة مستقلة عن السلطة التشريعية و التنفيذية و صفة " سلطة " هذه لا يمكن ان تسري على قضاة الحكم دون قضاة النيابة العامة . و أيضا بالرجوع للفصل 116 نجده ايضا ينص على ان النيابة العامة و اثناء النظر فيها من طرف المجلس الاعلى للقضاء يراعي تقارير التقييم من قبل السلطة التي يتبعون لها و هذا ما هو إلا دليل على عدم تبعية هذا الجهاز للسلطة التنفيذية في شخص وزير العدل لأنه بافتراضنا ان المقصود فعلا هو وزير العدل فاننا سنكون امام ضرب صريح لمبدأ الفصل بين السلط الذي أتى به دستور 2011
.
و فيما يتعلق ايضا بالسياسة الجنائية التي تهدف للحد من الاجرام و الجريمة فإنه من غير المعقول أن يكون واضعها هو من ينفذها , بحيث تنفيذها من طرف السياسي الذي مهما صلح البعض منهم فالطالحون كثر فإنه لن يكون بالشكل الجيد و السياسة الجنائية لن و لم ترقى للمستوى المنشود الذي يمكن بلوغه إذا ما تم تنفيذها من طرف الوكيل العام للملك بمحكمة النقض باعتباره هو القاضي ,العالم ,المتمرس في الميدان و الذي سيجعل من السياسة الجنائية سياسة جيدة و مستقرة تكرس المبادئ الأساسية لدولة الحق و القانون و المؤسسات و هذا يختلف طبعا عن السياسي الذي يخضع لضغوط الخصوم السياسيين و لضعف إلمامه بالمجال باعتباره مجرد ممثل لإرادة نسبية من الشعب قد تبوء بالفشل او بالنجاح و حتى إن نجحت فإن تمتيليثه هذه ليست بوجه الدوام و الاستقرار و إنما تنتفي بالاختيار وبمجرد انتهاء الصلاحيات, و هذا ما سيضعنا امام ممثل آخر لهذه الإرادة لا نعلم من و كيف يكون وهل سيحرص الحرص الشديد الذي ربما ظن سلفه أنه قام به.

و بالعودة إلى قرار فرق الاغلبية الحكومية الداعم و المؤيد لتبعية جهاز النيابة العامة للسلطة التنفيدية في شخص وزير العدل نجد على انه ما هو إلا تحصيل حاصل و مؤشر يجسد خوف السياسي من سحب البساط الاحمر عنه و بالتالي يصبح لا محال عرضة للمحاسبة و العقاب من طرف القضاء . فالتأويل الديمقراطي لروح الدستور و فصله 109 الذي يعتبر القاضي هو الضامن للحقوق و الحريات و الكفيل بتطبيق القانون دون تدخل اي جهة اخرى يقتضي الاستقلال  التام و الفعلي  للسلطة القضائية , فالثابت ان منطق الاوامر و التعليمات لا زال يسود بالمغرب و حتى لو زعمنا الافتراض على ان هذا المنطق يغيب وينتفي في عهد السيد الوزير الحالي فإنه لا يمكننا الجزم و التأكيد على انه سيظل منتفيا في في قادم الزمان و مع سياسيين ووزراء آخرين ممن سيتعاقبون على هذه الحقيبة ونحن الذي نعلم كل العلم طبيعة احزابنا السياسية و النخب و الساسة التي تنتجها و التي في حاجةلأكثر من اعادة نظر .

فالمتأمل للبلاغ الصادر عن السيد وزير العدل و الحريات بتاريخ 9 ابريل 2015 و الذي انضم لسلسلة من البلاغات التي اعتاد معالي الوزير اصدارها نجد على أن مفاده هو تأجيل النظر في الشكايات الخاصة بالتدبير المحلي و وبالتالي يقضي الى تعليق تقارير المجلس الاعلى للحسابات حتى اشعار آخر و هذا لا يمكن ترجمته الا لأجل منح ناهبي المال العام فرصة إضافية لنهب و استنزاف ما يمكن استنزافه و بسط النفوذ أكثر فأكثر حتى وإن التبرير الذي استند عليه معالي الوزير كون ذللك فقط من باب تفادي التشهير هو تبرير واهي دخل فيه في باب التكهن و علم الغيب و إصدار احكام مسبقة ,وكأن بالسيد الوزير يريد ان يوفر لهؤلاء كل الظروف و العوامل  التي تقيهم من المتابعة وتمهد لهم ارضية ممارسة نزواتهم الخبيثة ,وبالتالي يكون السيد الوزير قد فضل مصلحة السياسي على مصلحة المواطن الذي ينتخبه و الذي لا يملك اتجاه هذا الفاعل السياسي إلا صوته, و ايضا يكون قد حرص حرصا تاما للحفاظ على سمعة المسؤول الجماعي المشتبه فيه و وفر له البساط للتدليس على الناخب من المواطنين والذي لا محال سيستفيق في وقت متأخر على وقع هذا التدليس الذي ارتكب في حقه بإهمال من وزير للعدل المرجو فيه ان يكون ضامنا له و ساهرا عليه .

فبلاغ مثل هذا لا أساس قانوني له بحيث المشرع المغربي اسوة بمجموعة من تشريعات الدول الديمقراطية اعطى للوزير الحق في أن يأمر بتحريك المتابعة و فتح التحقيق في مايبلغه من مخالفة للقانون ولكن لا يعطيه الحق قي منع النيابة العامة من مهامها المتمثلة في تحريك هذه المتابعة و التحقيق في ما يصل اليها من شكايات , و  ببلاغه هذا يكون قد تدخل في عمل هذا الجهاز و هذا إن صح وصفه فلا يوصف إلا بالشطط في التربع على عرش هذا الجهاز .



الجمعة 3 يوليوز 2015

عناوين أخرى
< >

الجمعة 19 أبريل 2024 - 01:41 كليات القانون فى جامعات المستقبل

الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 10:43 محنة المدونة


تعليق جديد
Twitter