MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



أسئلة مابعد الترخيص لعمل البنوك التشاركية ـ ضوابطها وأهدافها

     

فاطمة القنبوعي
طالبة باحثة في سلك الدكتوراه
جامعة عبدالمالك السعدي
كلية الحقوق طنجة



أسئلة مابعد الترخيص لعمل البنوك التشاركية ـ ضوابطها وأهدافها

شهد المغرب في السنوات الأخيرة حركة دؤوبة نحو تمكين  المالية الإسلامية وجعلها حقيقة واقعية ، إذ بعد سنوات من الإنتظار  ثم الافراج بتاريخ  22يناير 2015  على قانون رقم 103.12 المتعلق بمؤسسات الإئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها ، هذا الأخير الذي شكل نقطة  تحول في القطاع البنكي المغربي ، وأرخ لبداية مرحلة  جديدة تهدف الى ارساء قواعد المالية الاسلامية من خلال قانون البنوك التشاركي المنظم  في الباب الثالث من قانون 103.12.

وبغية تأكيد رغبة المشرع  المغربي   الجادة في تنويع المشهد البنكي المغربي  ، وكذا طمأنة انتظارات المواطنين  في إقامة  بنوك تشاركية  تأسس لثورة روحية و خلقية  وتقدم خدمات ومنتجات بنكية تلبي  طموح  قطاع عريض من المواطنين الذين كان لديهم حرج شديد في التعامل مع البنوك الكلاسيكية ، صدر في مطلع 2017 بيان لوالي بنك المغرب  يحمل بين طياته بشرى للمغاربة ، تتمثل في الترخيص  لإحداث  بنوك  تشاركية من طرف :
ــ  القرض العقاري والسياحي  بشراكة مع بنك قطر الإسلامي .
ــ البنك المغربي للتجارة الخارجية لإفريقيا  بشراكة مع  المجموعة السعودية البحرينية  دلة البركة.
ــ  البنك الشعبي المركزي  مع المجموعة  السعودية غايدنس ( شركة مالية متخصصة في التمويل  العقاري ) .
ــ  القرض الفلاحي  للمغرب بشراكة  مع المؤسسة  الاسلامي لتنمية القطاع الخاص  التابعة للبنك الاسلامي للتنمية .
ــ التجاري وفا بنك ، مع الإشارة إلى أن هذا البنك لايزال يجري مناقشات بشأن شراكة مستقبلية .
وأصدرت لجنة مؤسسات الإئتمان كذلك رأيها بالترخيص للبنك المغربي للتجارة والصناعة ومصرف المغرب والشركة العامة قصد تقديم منتوجات بنكية تشاركية لزبنائها .
 
 لكن رغم ما لهذه الخطوة الجريئة من دور في إزاحة العقبات الشائكة  أمام  قيام  البنوك التشاركية في المغرب  فإنها كانت ولازالت تلقى إنتقاد  فئة من  المغاربة يعتبرون  أن البنوك التشاركية  نفسها  بنوك تقليدية  مع اختلاف فقط في التسمية . لكن الحقيقة أن البنوك التشاركية  ذات طبيعة متميزة عن البنوك التقليدية ، فإذا كان نشاط هذه الأخيرة  يقوم على أساس نظام الفائدة  والقاعدة الإقراضية في استقطابه أموال المودعين أو عند منحه  التمويل للمستثمرين  ، فإن البنوك التشاركية  ترتكز على قواعد  نظام المشاركة المستمدة  من ضوابط المعاملات المالية  في الشريعة الإسلامية  ولا تتعامل بالفائدة أخدا وعطاءا  وذلك بصريح المادة  54من  قانون مؤسسات الإئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها .
 
كما البنوك التشاركية  هي كمؤسسة  ناشئة  تحكمها  مجموعة من الضوابط  والأهداف التي تميزها عن العمل البنكي التقليدي  وهو ما سنعمل على تحديده  من خلال المحورين الأتيين :
 
المحور الأول  :  ضوابط عمل  البنوك التشاركية .
المحور الثاني :  أهداف البنوك التشاركية .
 
 
المحور  الأول :  ضوابط عمل  البنوك التشاركية .
 
يحكم عمل البنك التشاركي  مجموعة من الضوابط والأسس التي تجعله يتميز عن العمل البنكي التقليدي ، ومن أهمها الضوابط العقائدي ، حيث يستند عمل البنك التشاركي على  مكونات الشريعة الاسلامية  الثلاث وهي : العقيدة ، الأخلاق ، والأحكام الفقهية  العملية ،  حيث تسعى البنوك التشاركية الى تعميق  المبادئ العقائدية  لدى العاملين  والمتعاملين  معها ، ويظهر  الالتزام العقائدي  في البنوك التقليدية من خلال :
 
  1.  الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية  : تهدف البنوك التشاركية إلى تطبيق  أحكام الشريعة الإسلامية  قولا وعملا وشكلا ومضمونا ، من خلال تطبيق قاعدة الحلال والحرام ، فهي تحل ما أحل الله وتحرم ما حرمه مستندة في ذلك  إلى فقه المعاملات ، ومن مظاهر خضوع  البنوك التشاركية لأحكام الشريعة الإسلامية تحريم تعاملها  بالفائدة باعتبارها ربا ، فالبنوك التشاركية لا تتعامل بالفائدة أيا  كانت صورها وأشكالها ، أخذا أو عطاء، إيداعا أو توظيفا ، قبولا أو خصما ، مباشرة أو غير مباشرة ،  ظاهرة أو مختفية ، محددة مقدما أو مؤخرا ، ثابتة أو متحركة ، كاملة أو منقوصة،يستوي في ذلك قليلها و كثيرها .
  2.  الالتزام بالأخلاق الإسلامية في المعاملات : يجب على البنوك التشاركية أن تحرص على  الالتزام بالأخلاق الاسلامية  من خلال  الرقابة الذاتية وحسن اختيار العاملين، الأمانة ، اجتناب كل أساليب الغش والخداع  والمكر والحيلة سواء في تحقيق  الربح أو في توزيعه ، والتعامل الحسن مع العملاء عامة والمعسرين خاصة .
  3. تحمل المخاطرة :  على البنوك التشاركية أن تتجنب باب الكسب  الذي يستند إلى  مبدأ الضمان وتحمل التبعة وهو الربا ، الذي  تنشـأ عنه فئات  تحصل على المال دون بذل جهد أو تحمل مخاطرة ، وفي الوقت نفسه  عليها  أن تجد بدائل  تعتمد على المشاركات بأنواعها  بغية تحقيق مبدأ التوازن في الربح والمخاطرة.
  4. الالتزام بالشفافية والنزاهة :  على البنوك التشاركية أن تبتعد عن الغرر أو الترويج المزيف والرشوة  لما فيها  من أكل  لأموال الناس بالباطل ، وعليها أن تلتزم النزاهة والشفافية  في جميع معاملاتها .
  5. خضوع البنوك التشاركية للرقابة الشرعية : إضافة للرقابة المالية تخضع البنوك التشاركية  إلى رقابة شرعية  تحميها من مخالفة أحكام الشريعة الإسلامية  عند ممارستها لأعمالها ، وتقدم لها الحلول الشرعية بما يضفي عليها  الصبغة الشرعية ، وتعتبر هذه الخاصية الفارق الجوهري بين البنوك التشاركية والبنوك التقليدية .
 
 
المحور  الثاني : أهداف البنوك التشاركية .
 
تسعى البنوك التشاركية عند مزاولتها  لنشاطاتها  التمويلية والإستثمارية لتحقيق  مجموعة من الأهداف  يمكن حصرها في النقاط التالية :

أولا : أهداف مالية : تهدف البنوك التشاركية في المغرب إلى تحقيق مجموعة  من الأهداف المالية  التي تعكس  مدى نجاحها ومن أهم هذه الأهداف نجد :
  1. جدب الودائع وتنميتها : يعد هذا الهدف  من أهم اهداف البنوك التشاركية، إذ يمثل الشق الأول في عملية  الوساطة المالية ، إذ أن البنوك التشاركية ستقوم  بجذب أقصى قدر من الموارد المالية من خلال تجميع  المدخرات  الموجودة  لدى الأفراد  والجهات المختلفة  من المجتمع ، واستخدامها في تمويل النشاطات  الإقتصادية  بما يحقق نفعا  لأصحابها وللبنك والمجتمع .
  2. استثمار الأموال : يعتبر  استثمار الأموال  المصدر الرئيسي لتحقيق الأرباح  للمساهمين  والمودعين  وكذا للبنك  بصفته وسيطا  بين هؤلاء ، لذلك على البنوك التشاركية أن تحرص   على استثمار أموالها في جميع نواحي النشاط الإقتصادي  وفقا لأحكام الشريعة .
 
ثانيا : أهداف خاصة  بالمتعاملين مع البنوك التشاركية :  للمتعاملين مع البنك التشاركي أهداف متعددة ، يجب أن يحرص البنك الإسلام على تحقيقها وهي على النحو التالي :
  1.  تقديم الخدمات البنكية : حيث تعتبر  الخدمات البنكية بصفة عامة  الواجهة الرئيسية للمتعاملين مع البنك ، ووسيلة هامة لجذب المتعاملين الجدد ، والمحافظة على المتعاملين الحاليين ، فهي بوابة العبور للتعامل مع أنشطة البنك المختلفة .
وتبعا لذلك ستتجه البنوك التشاركية  نحو تقديم  كافة الخدمات  التي تقدمها البنوك  التقليدية ، باستثناء تلك التي تتعارض وأحكام الشريعة الإسلامية ، بالاضافة إلى خدمات  تنفرد بها  عن غيرها  ، ناتجة عن  انتهاجها  للنهج الشرعي .
ومن أهم أهداف البنوك التشاركية  في هذا الصدد ،  العمل على تقديم  الخدمات  والمنتجات البنكية والاستثمارية والتمويلية  في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية .
  1.  توفير التمويل للمستثمرين : تسعى البنوك التشاركية  لتوفير  التمويل اللازم  للمتعاملين  الذين يرغبون  في تمويل  استثماراتهم وفقا  لمبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية ، ومن أجل ذلك فهي توفر عدة صيغ  ملائمة لطبيعة النشاط المراد  تمويله ، على عكس البنوك التقليدية  التي تقوم على صيغة واحدة وهي القرض الربوي.
 
 
تعد هذه أهم  الضوابط و الأهداف التي على البنوك التشاركية  العمل احترامها  و بلوغها  قاطبة ، إذ بدونها   لن تستطيع  النجاح و لا الاستمرار . ومن العوامل التي تساعد  البنوك التشاركية على منافسة البنوك التقليدية  وتحقيق رسالتها ، ضرورة  الإنتشار بحيث عليها أن  تغطي أكبر قدر من المجتمع المغربي ، وتكون قريبة من العملاء ، الأمر الذي سيساهم لا محالة  في جعل البنوك التشاركية قوة  فاعلة  ضمن  الإقتصاد الوطني ، كما أن  هذا الإنتشار الجغرافي والإجتماعي يشعر العميل  بالراحة والاطمئنان  على أمواله وسرعة تلبية حاجاته .
 



السبت 1 أبريل 2017

تعليق جديد
Twitter